
الأب لومباردي: ممتنٌّ لله على ٨٠ عامًا من عمري، نقل الخير هو رسالة
يحتفل الأب فيديريكو لومباردي بعيد ميلاده الثمانين. وقد كان هذا الكاهن اليسوعي، أحد رواد الاتصالات الكنسية بعد المجمع الفاتيكاني الثاني، ومديرًا لدار الصحافة التابعة للكرسي الرسولي مع البابا بندكتس السادس عشر والبابا فرنسيس، كما كان لمدة ٢٥ عامًا على رأس إذاعة الفاتيكان، في البداية كمدير للبرامج ثم كمدير عام للإذاعة الحبريّة، ولأكثر من ١٠ سنوات، مديرًا لمركز التلفزة الفاتيكاني.
حياة شهادة وخدمة للكنيسة، تميّزت بالشغف والكفاءة، وتستمر اليوم في رئاسته لمؤسسة جوزيف راتزينجر – بندكتس السادس عشر وفي رئاسته لجماعة اليسوعيين في “La Civiltà Cattolica”. مجلّة الرهبانيّة اليسوعيّة التي قام فيها بخطواته الأولى كصحفي في عام ١٩٧٣ ثم أصبح نائب مديرها في عام ١٩٧٧، في هذه المقابلة مع وسائل الإعلام الفاتيكانيّة، يركز الأب لومباردي على بعض المراحل الأساسية في حياته ومهنته التي عاشها بالقرب من آخر ثلاثة باباوات.
في جواب على سؤال المشاعر التي يعيش فيها عيد ميلاده الثمانين الذي يسبق ببضعة أيام الذكرى الخمسين لسيامته الكهنوتيّة قال الأب لومباردي هناك شعور بالدهشة لوصولي إلى هذا العمر يصحبه بشكل طبيعي الكثير من الامتنان، لأنني لا أستطيع إلا أن أشكر الله، سواء على الحياة أو على دعوتي لعيش هذه الحياة كمكرَّس وككاهن. إنه زمن الشكر، زمن لتقييم الحياة والخدمة نوعًا ما ولكنه في الأساس زمن شكر للرب على ما عشته، على الفرص وعلى النعم وعلى مرافقته لي.
تابع الأب لومباردي مجيبًا على سؤال حول ما تعلّمه خلال السنوات الخمسين التي كرسها لخدمة الكنيسة والكرسي الرسولي في مجال الاتصالات وقال أول شيء تعلمته من الخبرة هو أن التواصل بالنسبة للشخص الذي يعيش في الإيمان والكنيسة هو مشاركة في رسالة التبشير التي يمكن للمرء أن يرى فيها واقع العالم والتاريخ واللعلاقة مع الله وبين البشر. هذا هو التواصل: إلهنا هو إله يتواصل، إله نقل إلينا نفسه بالكلمات، بالوحي وبإرسال يسوع المسيح! من ثمَّ للكنيسة بأكملها رسالة، وهي أن تنقل كلمة الرب هذه وتعلنها ونشرها. وبالتالي فالذي يُدعى للعمل في مجال الاتصال، هو مدعو إلى التعاون – وإن كان ذلك بطرق ومهام محددة – في طبيعة الكنيسة ذاتها والعلاقة بين الله والبشرية.
أضاف الأب لومباردي مجيبًا على سؤال حول ما يحمله على الصعيد الشخصي من خبرة عمله مع البابا يوحنا بولس الثاني والبابا بندكتس السادس عشر والبابا فرنسيس وقال لطالما فهمت عملي كخدمة وكان من الواضح لي دائمًا أن البابا هو خادم: البابا هو خادم عظيم للكنيسة والبشرية ولحضور الله في العالم. وبالتالي فقد دُعيت لأخدم في هذه الخدمة، وأساهم فيها. ومع مرور الوقت، بدت هذه الدعوة للمساهمة عطيّة عظيمة حقًا بالنسبة لي، لأن الرسالة التي يقوم بها الأب الأقدس هي حقًا رسالة رائعة لخير الأشخاص والبشريّة والمؤمنين. لقد تمكنت من أن أساهم وأن أضع كل قوتي لمساعدة هذه الرسالة، وبالتحديد في مساعدة الأشخاص لفهمها من خلال وسائلنا، وطرق الاتصال الخاصة بنا. لقد كانت خدمة لهذه الخدمة العظيمة للباباوات للبشرية وللكنيسة. وهذا الأمر لطالما سحرني وكنت ممتنًا جدًا لأنه قد تمت دعوتي لهذا النوع من العمل.
وخلص الأب لومباردي مجيبًا على سؤال حول ما هي الاقتراحات التي قد يعطيها للشباب الذين يريدون أن يدخلوا في مجال الصحافة وقال أود أن أقول لهم إن مهنتهم يمكنها أن تكون مهنة جميلة، ولكن عليهم أن يعيشوها كدعوة وليس فقط كمهنة لتطوير المهارات الفنية، وإنما كطريقة يمكنهم من خلالها مساعدة الأشخاص على لقاء الآخرين، وعلى تأسيس تواصل يكون تفاهمًا وحوارًا متبادلاً. تواصل يساعد على معرفة الحقيقة وليس على خداع الآخرين؛ وحيث نتعلم إبراز الجوانب الإيجابية وليس فقط مأساة المعاناة أو المشاكل التي يطرحها الشر والظلم. بالتأكيد يجب التنديد بهذه الأشياء، ولكن من الضروري أيضًا القدرة على إظهار حضور للخير والحب، غالبًا ما يكون خفيًّا ولكنّه مهم أيضًا. يجب أن أقول إنه في أفضل لحظات الخدمة في مجال التواصل، كانت لدي الخبرة والانطباع بأنه حتى زملائي الصحفيين كانوا سعداء باكتشاف جمال عملهم في مجال الإعلام لأنهم ساهموا في نشر رسائل إيجابية للبشريّة التي عليهم أن يكونوا في خدمتها. يبدو لي أن هذا هو النموذج المثالي للتحرك في مجال التواصل والاعلام، مع كل الصبر والواقعية اللذين يتطلبهما أن نتعلم، يومًا بعد يوم، كيف نتواصل بشكل جيد حتى من وجهة نظر مهنية. لا يجب أن نسمح للمهارات الفنية والمهنية أن تهيمن علينا، وإنما يجب أن نعرف أن على هذه المهارات أن تُوضع في خدمة شيء عظيم وجميل لكي نبني معًا مجتمعًا وجماعة كنسية مدنية وكريمة.
(المصدر راديو الفاتيكان)