
البابا: صليب يسوع هو أكبر اكتشاف في الحياة القيمة التي تغيّر كل القيم
استأنف البابا لاوُن لقاءاته اليوبيليّة، في 6 سبتمبر، مركزًا على النص من إنجيل القديس متّى: “مَثَلُ مَلَكوتِ السَّمَوات كَمَثَلِ كَنْزٍ دُفِنَ في حَقْلٍ وَجدَهُ رَجُلٌ فأَعادَ دَفنَه، ثُمَّ مَضَى لِشِدَّةِ فَرَحِه فباعَ جميعَ ما يَملِكُ واشتَرى ذلكَ الحَقْل” (13، 44).
وبدأ البابا تعليمه بالتأملٍ في “السحر الخاص” الذي يشعر به الأطفال وهم يحفرون في الأرض “لكسر قشرة العالم الصلبة ورؤية ما الذي يوجد تحتها”. وقال: “هكذا نجد ملكوت الله. الرجاء يُضرَم من جديد عندما نحفر ونكسر قشرة الواقع، ونذهب تحت السطح”.
القديسة هيلانة “امرأة تبحث”
وذكّر البابا بالمسيحيين الأوائل الذين، حالما نالوا حريّة العيش علنًا كمسيحيين، حتى بدأوا بالحفر، خصوصًا في أماكن آلام المسيح وموته وقيامته من بين الأموات. وأشار إلى مثال القديسة فلافيا جوليا هيلانة، والدة أول امبراطور مسيحي، قسطنطين، التي كانت هي الروح في تلك الأبحاث.
وقال: “كانت امرأة تبحث وتحفر. فالكنز الذي يضرم الرجاء هو في الواقع حياة يسوع: يجب أن نسير على خطاه”. ولفت إلى أن هناك العديد من الأمور التي كان يمكن أن تعملها الإمبراطورة هيلانة، وسط ملذات وأمجاد في البلاط الملكي، ناهيك عن الأماكن النبيلة التي كان يمكن أن تفضلها على أورشليم البعيدة.
وأضاف: “يمكننا أن نستريح ونسترخي في المراكز التي بلغناها وفي الثروات، الكبيرة أو الصغيرة، التي تعطينا الأمان. وهكذا نفقد الفرح الذي كان لنا عندما كنّا أطفالًا، وتلك الرغبة في الحفر والاكتشاف التي تجعل كلّ يوم جديدًا”.
باعت كل شيء
وبعد إشارته إلى أنّ ”أن نكتشف“ تعني باللاتينيّة ”أن نجد“، أوضح البابا أنّ “اكتشاف هيلانة الكبير كان وجود الصليب المقدس من جديد. هذا هو الكنز المدفون الذي من أجله باعت كلّ شيء! فصليب يسوع هو أكبر اكتشاف في الحياة، القيمة التي تغيّر كلّ القيم”.
وقال: إنّ هيلانة استطاعت أن تفهم ذلك لأنّها حملت صليبها مدّة طويلة. وأوضح: “لم تولد في البلاط الملكي: يُقال إنّها كانت صاحبة نُزل من أصول متواضعة وبسيطة، أحبّها قسطانسيوس الذي سيصير الإمبراطور في المستقبل. وتزوّجها، ولكن لحسابات في السلطة لم يتردّد بعد ذلك في أن يطلّقها ويبعدها مدّة سنوات عن ابنها قسطنطين. وعندما صار قسطنطين إمبراطورًا، كان هو أيضًا سبّبًا لمحن كثيرة لها، لكن هيلانة بقيت دائمًا نفسها: امرأة تبحث. قرّرت أن تصير مسيحيّة ومارست دائمًا المحبّة، ولم تنس قط البسطاء، وأنّها كانت هي نفسها منهم”.
أن نصير مثل الأطفال
وقال: “هذه الكرامة والأمانة للضمير يغيّران العالم حتى اليوم: فهما يقرّباننا من الكنز، مثل عمل المزارع. تربية القلب تتطلّب جهدًا. إنّه عمل كبير. بالحفر نجد، وبالتواضع نقترب أكثر فأكثر من الرب الذي تجرّد ليصير مثلنا. فصليبه موجود تحت قشرة أرضنا”.
وخلص البابا في تعليمه: “يمكننا أن نسير بفخر، وندوس الكنز الذي هو تحت أقدامنا دون وعي. أمّا إن صرنا مثل الأطفال، فسنعرف ملكوتًا آخر، وقوّة أخرى. وسنجد الله قريبًا دانيًا منّا، يريد أن يرفعنا إلى العُلى”.
(راديو الفاتيكان)