البابا يستقبل مدراء وموظفي المعهد الوطني الإيطالي للتأمين ضد حوادث العمل
استقبل البابا فرنسيس مدراء وموظفي المعهد الوطني الإيطالي للتأمين ضد حوادث العمل INAIL، ووجه لهم خطابا حثهم فيه على الاهتمام بكل شخص محتاج وممارسة الرأفة تجاهه وتضميد جراحه على غرار مثل السامري الصالح في الإنجيل.
استهل الحبر الأعظم كلمته مرحباً بضيوفه ومعرباً عن سروره بهذا اللقاء ومشيدا بالجهود المبذولة من أجل بناء مجتمع لا يُهمش فيه أي إنسان. وأكد أن المعهد يسعى إلى ضمان كرامة الأشخاص في بيئة العمل، موضحا أن العائلات غالباً ما تتحمل عبء الإعاقات التي يُصاب بها العمال. وشكر البابا ضيوفه على الجهود التي بذلوها خلال الأزمة الصحية التي مرت بها إيطاليا، في إشارة إلى جائحة كوفيد ١٩، وصبت في صالح شرائح المجتمع الأكثر هشاشة. وأضاف فرنسيس أن الأشهر الماضية شهدت ارتفاعاً ملحوظا في حوادث العمل التي تعرضت لها النساء في إيطاليا ما يسلط الضوء على ضرورة توفير الحماية التامة للمرأة في بيئة العمل. وأشاد في هذا السياق بعمل المعهد الذي ينقسم إلى شقين: أولاً الوقاية من الحوادث، ثم مرافقة العمال الذين تعرضوا لتلك الحوادث، وتقديم الدعم اللازم لهم ولأسرهم. واعتبر أنه بدون تلك الحماية، يصبح المجتمع عبداً لثقافة الإقصاء، ولا يقر بكرامة الشخص البشري. ولفت إلى أن ثقافة الإقصاء تأخذ الإنسان في عين الاعتبار إذا كان قادراً على الإنتاج وحسب.
بعدها توقف البابا فرنسيس عند الرسالة العامة Fratelli Tutti، مشيرا إلى أنها تحذر من مغبة السعي إلى تخفيض كلفة العمل دون أن تؤخذ في عين الاعتبار النتائج الوخيمة التي يمكن أن تترتب على العمال، لاسيما البطالة التي تزيد من آفة الفقر. وأضاف الحبر الأعظم أن عدم الاستثمار في السلامة ضمن بيئات العمل يؤدي إلى ارتفاع نسبة الحوادث، مذكرا بأن الحياة لا تُقدر بثمن، محذراً من مغبة إلقاء اللوم على الضحايا الذي يشكل مؤشراً للفقر البشري.
هذا ثم لفت البابا إلى أن حضور ضيوفه في الفاتيكان يشكل فرصة للتأمل في معنى العمل، مؤكدا أن الاهتمام بنوعية العمل بالغ الأهمية إذا ما أردنا الحفاظ على مركزية الإنسان، وشدد على ضرورة الاهتمام بقوانين السلامة، التي ينبغي ألا يُنظر إليها كعبء لا جدوى منه. ولم تخلُ كلمات البابا من الإشارة إلى الإسهام الذي يمكن أن تقدمه التكنولوجيا في هذا الإطار، خصوصا وأنها طورت إمكانية العمل عن بُعد، الذي يمكن أن يشكل حلاً جيداً في بعض الحالات، لاسيما وأن الفصل بين أماكن الحياة العائلية وبيئات العمل ترتبت عليه نتائج سلبية ليس على العائلة وحسب، إنما على ثقافة العمل أيضا.
تابع البابا كلمته متوقفاً عند مثل السامري الصالح في الإنجيل، وقال إن النشاط الذي يقوم به ضيوفه يذكرنا بأن نمط السامري الصالح ما يزال آنياً، ويكتسب قيمة اجتماعية، خصوصا وأنه يظهر لنا أن وجود كل واحد منا مرتبط بوجود الآخرين، وبأن الحياة ليست زمناً يمرّ بل زمن اللقاء، كما جاء في الرسالة العامة Fratelli Tutti. وأضاف فرنسيس أنه عندما يطلب شخص ما المساعدة ويواجه خطر أن يُترك على هامش المجتمع، لا بد من وجود مؤسسات تترجم هذا المثل الإنجيلي من خلال النظر إلى الآخر والشعور بالرأفة تجاهه والاقتراب منه وتضميد جراحه والاعتناء به.
من هذا المنطلق شجع البابا مدراء وموظفي المعهد الوطني للتأمين ضد حوادث العمل على النظر في وجه الأشخاص المحتاجين إلى المساعدة والاهتمام بهم جسدياً، نفسياً، ثقافيا وروحيا. وطلب منهم أن يمارسوا الرأفة تجاه هؤلاء الأشخاص والشعور بمعاناتهم. كما لا بد أن يكونوا قريبين من كل محتاج من خلال إلغاء المسافات وهدم الجدران لإيجاد وسيلة مشتركة للتواصل التي هي إنسانيتنا. وشدد فرنسيس في الختام على أهمية تضميد الجراح والاهتمام بضحايا حوادث العمل وعائلاتهم، سائرين معا في دروب الأخوة.
(المصدر راديو الفاتيكان)