
يوحنّا بولس الأوّل… بابا مُبتسم ترك إرثًا يتجاوز حبريّته – رومي الهبر
في 26 أغسطس من العام 1978، شهد التاريخ واحدة من أقصر الحِبريّات في تاريخ الكنيسة الكاثوليكيّة: حِبريّة لم تتجاوز 33 يومًا، وانتهت فجأةً بوفاة البابا من جرّاء أزمة قلبيّة. من هو هذا البابا الذي خطف القلوب بابتسامته قبل أن يخطفه الموت؟
انتُخِب الطوباويّ يوحنّا بولس الأوّل (1912–1978) حبرًا أعظم في صيف 1978، لكنّه توفّي بعد 33 يومًا، لتكون حِبريّته الأقصر في التاريخ الحديث للكنيسة الكاثوليكيّة. وُلد في فورنو دي كانالي في شمال إيطاليا، ورُسم كاهنًا ثمّ أسقفًا، قبل أن يعيَّن بطريركًا على البندقيّة. عند انتخابه بابا، اختار اسمًا مزدوجًا، تكريمًا لسلفَيه يوحنّا الثالث والعشرين وبولس السادس، ورفض التتويج التقليديّ، مكتفيًا بباليو الأسقف، علامةً للتواضع. عُرف سريعًا بلقب البابا المبتسم بفضل قربه من الناس. سنة 2022، أعلن البابا فرنسيس تطويبه رسميًّا، في قدّاس احتفاليّ في ساحة القدّيس بطرس.
في 27 أغسطس 1978، أي غداة انتخابه، وجّه يوحنّا بولس الأوّل رسالة لافتة إلى المؤمنين، شدّد فيها على البُعد الأخلاقيّ لمسؤوليّة المسيحيّ في العالم. وقال: “نحن جميعًا ملتزمون العمل لرفع العالم إلى عدالة أعمق، وسلام أكثر ثباتًا، وتعاون أكثر صدقًا. من هنا ندعو (…) القادة المسؤولين عن شعوبهم، إلى أن يكونوا أدوات فعّالة ومسؤولة في بناء نظام جديد، أكثر عدلًا وصدقًا”.
وفي المقابلة العامّة الأولى له مع المؤمنين، شدّد يوحنا بولس الأوّل على العلاقة الجوهريّة بين المحبّة والعدالة، قائلًا: “المحبّة هي روح العدالة. علينا أن نحبّ القريب، فالربّ أوصانا بذلك كثيرًا. وأنا أوصي دائمًا ليس بأعمال المحبّة الكبرى فحسب، بل بتلك الصغيرة أيضًا”.
وفي اليوم الذي سبق وفاته، ترك البابا جملة بالغة الدلالة لخّصت مسيرته الروحيّة، قال فيها: محبّة الله رحلة: يُريدها الله دومًا أكثر عمقًا وكمالًا.