
رئيس الأساقفة يحذر من مغبة بناء السلام على التهديد المتبادل بالدمار
قام أمين سر الفاتيكان للعلاقات مع الدول والمنظمات الدولية رئيس الأساقفة بول ريتشارد جالاجر0.20 بزيارة إلى مدينة فلورنسا حيث ألقى محاضرة في كلية اللاهوت سلط خلالها الضوء على أهمية الحفاظ على مبادئ الإنسانية في السياق العالمي الذي نعيشه اليوم، حيث يتم غالباً تجاهل القانون الدولي، مذكرا بأن جميع البابوات شددوا دوماً على ضرورة حل الصراعات من خلال الحوار.
في مستهل المحاضرة أكد سيادته أن البابا يوحنا بولس الثاني ومنذ عام ٢٠٠٠ قال: إن البشرية تقف على مفترق طرق، في إشارة إلى المخاطر التي يمكن أن تواجهها في المستقبل، وهذا ما تحقق اليوم، خصوصا عندما يسعى بعض قادة الدول إلى تحقيق الأمن من خلال التهديد بالقضاء التام على الآخرين.
واعتبر جالاجر أن الأسلحة النووية ما تزال تلقي بظلالها على الضمائر، في وقت تحاول فيه الكنيسة أن تضيء شعلة الأمل في هذا العالم داعية إلى المصالحة والمغفرة وهذا ما فعله جميع الأحبار الأعظمين منذ القرون الوسطى وحتى البابا الحالي لاون الرابع عشر.
بعدها ذكّر المسؤول الفاتيكاني الحاضرين بأن هذا العام يتزامن مع الذكرى السنوية الثمانين لأول اختبار نووي في العالم، جرى في ولاية نيو مكسيكو الأمريكية، بالإضافة طبعاً إلى الحادث المأساوي التي طبع التاريخ، ألا وهو القاء القنبلتين الذريتين على هيروشيما وناكازاجي إبان الحرب العالمية الثانية. ولفت إلى أن عالمنا المعاصر يواجه اليوم أزمات عدة وفي طليعتها الجائحة، الكوارث الطبيعية، انعدام الأمن الغذائي، انتشار الجوع، الصراعات الجديدة والعنف المستشري في العديد من الدول. وهذا الواقع أحدث خضة في التوازنات التي عرفها العالم بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، كما أن السلام لا يمكن اعتباره اليوم من المسلمات، خصوصا إزاء الشكوك التي تحوم حول قدرة الجماعة الدولية على الحفاظ على الاستقرار بين الدول.
لم تخل محاضرة رئيس الأساقفة جالاجر من الإشارة إلى منطق المواجهة والصراع بين القوى الآخذ بالتنامي، لاسيما مع قيام تحالفات جديدة والتصعيد في لغة التهديد، خصوصا فيما يتعلق باللجوء إلى السلاح النووي. ولفت سيادته إلى أن العالم يشهد اليوم توسيعا مقلقاً للترسانات النووية، ما يزيد من قدرات هذه الأسلحة على إحداث دمار هائل. وذكّر بأن مواقف التهديد تنبع من الخوف من الآخر وتولد توازناً من الرعب وهو توازن هش لا يمكن أن تُبنى عليه علاقات مسالمة ومستدامة.
وأضاف جالاجر أن هذا التوازن سبق أن ندد به البابا الراحل يوحنا الثالث والعشرون في رسالته العامة الشهيرة “السلام في الأرض” والتي صدرت في العام ١٩٦٣ داعيا إلى نزع السلاح بشكل كامل من أجل التخلص من هاجس الحرب وكي يُستبدل منطق القوة بالثقة المتبادلة، مع أن تغيير هذا النهج ليس أمراً سهلا. كما أن البابا رونكالي أكد في تلك الوثيقة أن سباق التسلح النووي يجعل الناس يعيشون كابوساً بشأن اندلاع حرب نووية في أية لحظة. وأكد المسؤول الفاتيكاني أن ما يزيد الوضع تعقيداً اليوم هو التكنولوجيات المتطورة التي تُستخدم في المجال العسكري لاسيما الذكاء الاصطناعي، الأمر الذي يعرض للخطر المبادئ الإنسانية الأساسية ومصير العائلة البشرية برمتها.
(راديو الفاتيكان)


