
في وداع باسكال رفيق التي رقدت أثناء حج الشباب إلى روما – الأنبا باخوم: الحياة جادة وليست سطحية
ودعت الكنيسة الكاثوليكية المصرية، الابنة “باسكال رفيق” التي رقدت أثناء حج الشباب إلى روما. ففي جنازة “باسكال” اجتمعنا ونحن نحمل في قلوبنا مشاعر مختلطة حزن، فراق، ودهشة من سرعة الأحداث، وتعجب وعدم تصديق، وكأنه كابوس نتمنى الاستيقاظ منه، وفي الوقت نفسه رجاء راسخ في وعد الله.. “باسكال” كانت مملوءة حياة وحماس، ذهبت إلى روما في رحلة حج ليوبيل الرجاء، الآن تستكمل حجها في بيت الآب، في السماء.
كنا نظن أن هذه الرحلة هي أيام للصلاة والفرح والتعارف، لكن الله أراد أن يجعلها مسيرة عبور.. عبور من هذه الحياة إلى الحياة الأبدية، “باسكال” كانت ذاهبة تبحث عن كلمة وعلى لقاء مع المسيح وبالفعل الرب حقق لها أمنيتها وتقابلت معه بصورة ملموسة وواقعية حياتها كانت استعدادًا دائماً: قلب نقي ابتسامة صادقة، وإيمان حي.
“باسكال” تحمل اسم معناه الفصح، والاسم في الكتاب المقدس يعني الهوية مثل بطرس يسوع غير اسمه من سمعان لبطرس لأنه الصخرة التي ستُبني عليها الكنيسة، و”باسكال” معناه العبور واليوم هي تحقق ذاتها كاملة، تعبر لحضن الأب.. وتذكرنا وتنبهنا كلنا كم من المهم نتذكر أن نهايتنا ليست موت، ولا قبر، لا دموع ولا حزن لكن حضن الأب.. هذا هو الوعد الذي وعدنا به الله، حياة وحياة للأبد. و”باسكال” آمنت بذلك، وكان لها رجاء، وأقول لكم أنها وصلت.
وفاة “باسكال” لمست مع كل العالم مع ملايين من الشباب، مع قداسة البابا لاوُن الذي قال كلمة لها ولأهلها.. “باسكال” بشرت بلحظة موتها أكثر من الألف الذين بشروا بحياتهم. “باسكال” رسالة والرسالة وصلت.. وصلت لكم يا شباب.. حياتنا ليست سطحية، حياتنا غالية لا نعيشها لنفسنا أو لراحتنا فقط.. حياتنا عطية و”باسكال” أعطت حياتها اليوم، وبها تقول لنا خذوا أنتم أيضًا حياتكم بجدية.
وفاة “باسكال” سؤال ليس له إجابة؟ أتمنى ألا نتسرع ونعطي إجابات دينية أو عقلانية مثل النصيب! عمرها! ختمت رسالتها! لا.. تعالوا نترك أنفسنا نُصدم من هذا الحدث، من هذه الصدمة التي تفوق قلوب قاربت على الموت.. نحن هنا اليوم صُعقنا بصاعق كهربي، الحدث أفاقنا وجعلنا نرجع نفتكر أننا لحضن الآب. ليس مهم أن نجاوب على السؤال لان السؤال الحقيقي ليس لماذا ماتت “باسكال”؟ لكن لماذا أنا وأنت مازلنا عايشين؟
ياشباب وفاة “باسكال” ممكن أن تتحول لذكرى حزينة كلما تذكرناها نبكي ونحزن ونتألم، وممكن أيضًا نفس الوفاة تتحول إلى بذرة تموت وكل ما نرويها بأعمالنا ومحبتنا ومغفرتنا بكل فعل خير، بكل فعل حب..
“باسكال” تنمو أكثر وأكثر..
هذه هي تعزيتنا وتعزية أهلها.. تعالوا نقوم بعمل لأجل “بسكال”، عمل نخبرها به أننا نحبها كثيرًا، فكروا في ذلك، كل واحد منكم يفكر ويقرر ما هو العمل الذي كان من المستحيل عليك القيام به أو قبوله من فعل خير، مغفرة، تسامح.. قدموه هدية لها..
أقول للوالدين: الميلاد السماوي لبسكال ليس نهاية لحياتكم، بالعكس هذه بداية حياة بطريقة جديدة.. بعيون جديدة.. مملوءة بالرجاء.. الموضوع لا ينتهي اليوم.. هذا الحدث نرى من خلاله ما لم تراه عين.. نؤمن به.. مثل يسوع عندما يقول لمريم من اليوم يوحنا ابنك.. واليوم، أقول لكم من اليوم كل هؤلاء الشباب أبناءكم.. مريم تفقد يسوع بالجسد وتستلم العالم كله.. ابنتكم أصبحت ابنة لكل عائلة، دخلت كل بيت، أو قالت بكل قوة.. “الحياة جادة وليست سطحية”.
اليوم نُسلمها وهي تدخل مع عريسها السماوي، مع المسيح القائم مع الحبيب، عروس نقية تحضرت لعريسها..
“يا يسوع، علمنا أن نحيا بالرجاء، كما عاشت باسكال بالإيمان وبالرجاء، والمعطية استقبلها في حضنك، واجعل حياتها رسالة لنا لنكون شهودًا للنور والرجاء وسط هذا العالم.. باسم غبطة البطريرك وكل الأباء المطارنة والكهنة والرهبان والراهبات نطلب من الرب أن يرسل روحه القدوس، المعزي لقلوب والديها وأحباءها”.