الوزيرة مايا مرسى فى مدرسة الراهبات!! – حمدي رزق
صورة الدكتورة مايا مرسى فى مدرستها، مدرسة راهبات الراعي الصالح للغات التابعة لإدارة شبرا التعليمية، تترجم حنينًا، نوستالجيا.
صورة الوزيرة اللطيفة وسط الراهبات مغتبطة، صورة راقية تمحو وتمحق صورًا طائفية كئيبة طفحت كالبثور تشوه وجه مصر الجميل. ورب صدفة خير من زيارة مخططة. صورة الدكتورة العفوية فى توقيتها، تترجم ذكاء مجتمعيًّا، صورة تقطر وطنية، تُعلى معاني سامية سحقتها دعايات طائفية زاعقة.
أجمل ما في الصورة ضحكة الوزيرة. اضحك الصورة تطلع حلوة، والأحلى حفاوة الراهبات بالوزيرة الأصيلة، التي لم تغادر مدرستها قلبيًّا.
الوزيرة تحن إلى أيام خلت في غرف الدرس، وتحضر طابور الصباح، وتشاهد عرضًا فنيًّا، والراهبات بحنان يأخذنها من يدها لتفقد فصلها، والوزيرة طائرة من الفرحة. في مدارس زمان، (وكنت تلميذًا في مدرسة الأقباط الابتدائية بمنوف) كان المناخ المدرسي محببًا، والمعلمون ممن ينطبق عليهم قول أمير الشعراء أحمد شوقي قُم لِلمُعَلِّمِ وَفِّهِ التبجيل.
وزيرة من خريجات مدرسة الراهبات. لا تسأل عن ديانة الوزيرة. تَمَعّن في الصورة، هل فيه أبدع من هذا الوصف، وكأنك تصف المحروسة، صفحة من كتاب «وصف مصر»، مصر التي لم تعرف طائفية، مصر ذات الوجه الصبوح قبل أن يلفحنا الهبوب الصحراوي الذي جلب جرادًا بشريًّا متصحرًا نفسانيًّا.
صورة الوزيرة في مدرسة الراهبات تذب عن وجه المدارس المسيحية في عموم القطر من شبرا إلى البحيرة الذباب الإلكتروني الذي يعف على الجيفة، ويطن من الطنين في آذان نفر من المضروبين بالطائفية، فيخرجون علينا صائحين مُكوِّرين القبضات مُهدِّدين وحدتنا.
مر زمن ولا تزال المدارس المسيحية عنوان الرقى، وخريجوها مضرب الأمثال ومحط الأنظار، ومستوى التعليم يرتقي عن مثيله حتى في المدارس الخاصة، ولا تزال مدارس مصاريفها معقولة، وتنتقى تلاميذها على الفرازة، وتحرص إداراتها على اقتناء جواهر التاج، ولها منظومة تعليمية وتربوية مشهود لها بالكفاءة، نموذج للتربية والتعليم في آن، وأسماء هذه المدارس علامات جودة تعليمية.
ولا يُنبئك مثل خبير، والدكتورة مايا مرسى خبرت المدارس المسيحية، وصورتها فى مدرسة الراهبات معلقة فخرًا.
تَمَعّن في كلمات الوزيرة، فخورة كونها إحدى خريجات تلك المدرسة التي تخرجت فيها قبل ٣٥ عامًا، وتجمع بينها وبين كل الراهبات علاقة وطيدة يسودها الحب والتقدير والاحترام. المدرسة كانت بمثابة البيت لها، كما أن المدرسة تتسم بالنظام، والتربية تتقدم على التعليم.
كفتني الوزيرة مؤنة الكتابة عن فضائل المدارس المسيحية، بقولها إن مدرسة الراهبات غرست في الطالبات حب الوطن والانتماء وخدمة المجتمع، وإن الجميع سواء، وتعلمت بها تاريخ مصر، وكيف أن مصر قلب العالم، كما أن أحلامها نشأت في تلك المدرسة وتحققت حتى وصلت إلى تلك المناصب التي تقلدتها حبًّا وخدمة لهذا الوطن.
قد تكون زيارة دكتورة مايا مرسى لمدرستها صدفة، ولكنها صدفة خير من زيارة مخططة، وليت وزير التربية والتعليم، محمد عبد اللطيف، كان بصحبتها. تفرق كثير، زيارته كانت تئد فتنة طائفية تحوم حول المدارس المسيحية، وليته يفعلها عاجلًا ويزور مدرسة مسيحية. الصور الحلوة مطلوبة، وترجمتها مصر فيها حاجة حلوة.
