افتتاحية العدد

الميوعة الدولية وغزة – الأب رفيق جريش

أصبحت المشاهد الواردة من قطاع غزة، إضافة للتقارير الصحفية والدولية، تشهد تفاقم حالة المجاعة في هذا القطاع، بسبب الحرب التي تواصل إسرائيل شنها داخل القطاع على مدى أكثر من 22 شهرًا، بل أن تطورت هذه الحرب حاليًا، ومن المحتمل أن تحتل إسرائيل غزة بالكامل! آخر هذه التقارير؛ تقرير التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي في العالم، والذي يؤكد أن القطاع وصل إلى هذه المرحلة بالفعل.

ومما لا شك فيه، فإن ذلك يعود في المقام الأول إلى أن المجتمع الدولي، ورغم التصريحات التي يطلقها عن عواقب استمرار الحرب في قطاع غزة، لا يُمارس ضغوطًا كافية على إسرائيل من أجل التوقف عن الانتهاكات التي ترتكبها داخل القطاع وإنهاء الحرب، عبر الوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، لاسيما مع دخولها عامها الثالث في أكتوبر المقبل. بل أن هناك دول، وفي مقدمتها الولايات المتحدة، تقدم كل الدعم العسكري والمخابراتي والمالي، مع أحدث الأسلحة لجيش إسرائيل.. أفليس هؤلاء شركاء في جرائمها؟  

اللافت في هذا السياق، أن الحكومة اليمينية المتطرفة في إسرائيل برئاسة بنيامين نتانياهو لا تبالي بهذه التقارير، ولا بالتحذيرات المتتالية التي تطلقها العديد من الدول والمنظمات المعنية بما يجري داخل القطاع، بل إنها تُمعن في تكريس هذه المجاعة عبر فرض قيود شديدة على دخول المساعدات الإنسانية، واستهداف الفلسطينيين الذين يقتربون من مراكز توزيعها، بل تقوم بقتلهم، خاصة الأطفال والصحفيين الذين ينقلون الأخبار من الداخل إلى المنصات والتلفزيونات الدولية، وأخرها قتل 5 صحفيين دفعة واحدة، وذلك لإسكات كل صوت صارخ في برية المجتمع الدولي.

هذه الميوعة في المواقف وعدم تعرض إسرائيل لضغوط كافية عليها، يوجه لها رسائل تشجعها على نحو يدفعها إلى المُضي قدما نحو استمرار العمليات العسكرية في القطاع، خاصة أن حسابات الائتلاف اليميني الحاكم تعزز هذا التوجه.

من هنا، طالبت مصر عبر البيان الذي أصدرته وزارة الخارجية للمجتمع الدولي بأهمية أن يتحمل مسئولياته، وأن يتحرك من أجل وقف الحرب، وإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني في القطاع، خاصة وأن ازدواجية المعايير التي يتعامل بها مع ما يحدث حاليًا كان لها دور فيما وصلت إليه الأمور في القطاع.

إن ما يحدث في غزة من مجاعة يمثل بقعة سوداء في جبين المجتمع الدولي. ومن المهم أن يترجم الغضب والشجب الدولي إلى خطوات عملية على الأرض وإلى ضغوط حقيقية على حكومة الاحتلال الإسرائيلي لوقف مخططها باحتلال مدينة غزة والسماح بدخول المساعدات بلا قتل ولا قيود أو شروط.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى