افتتاحية العدد

العنصرة.. هو فيض الروح القدس – الأب رفيق جريش

“يوم العنصرة” فيه أفاض الروح القدس على الكنيسة لكي يعلمها ويُذكرها بكل ما قال، ويُنشئها على حياة الصلاة، ويُقدسها باستمرار. ونحن نختم الزمن الخمسيني المقدس نتأهل لاستقبال الروح القدس كما امتلئوا به التلاميذ، فعليك مثلهم أن تملأ نفسك بنعمة الروح القدس ولا تملأها بالخطيئة والشر. أعتني بأن تملأ فكرك وذهنك وحياتك بنعمة الروح القدس، لذلك لم يقل ضع في نفسك الروح القدس، بل قال “أملأ نفسك بالروح القدس” وذلك باستخدام فعل “امتلئوا”. والامتلاء بالروح القدس هو أن نسلم أنفسنا لقيادة الروح القدس، فنصل إلى درجة عالية من الروحانية، بحيث يرتفع كل شيء فينا إلى مستوى الروح حتى الجسد يتروحن، فالأحاسيس والمشاعر والعواطف والوجدان والأهداف والممارسات تتروحن، أي تُشحن بقوة روحية، بحيث تنتقى وتتقدس وتطرد العواطف والمشاعر الرديئة والشهوات الجسدية الأرضية، ويحدث صلح بين الجسد والروح، حينما يخضع الجسد لأوامر الروح ينتهي الصراع التقليدي بينهما، والذي قال عنه بولس الرسول “اسلكوا بالروح فلا تكملوا شهوة الجسد لأن الجسد يشتهي ضد الروح والروح ضد الجسد، وهذان يقاوم أحدهما الأخر ولكن الذين هم للمسيح يسوع قد صلبوا الجسد مع الأهواء والشهوات، إن كنا نعيش بالروح، فلنسلك أيضًا بحسب الروح” ( غلا 25، 24، 17، 5، 16)

إذن أملأ نفسك تماماً من نعمة الروح القدس، حتى لا يستطيع الشرير أن يضع شيئاً داخلك، لذا يجب أن تشتركوا في التسابيح والتراتيل والألحان الكنسية، لأن بهذه الأمور التي تسمعونها اليوم تفرحوا بها وتمتلئوا بنعمة الروح القدس بجانب العلاقة الحميمة مع الله.

يقول القديس يوحنا ذهبي الفم: “يوجد أمامكم كأس مملوء بخمر جيد للسكر الروحي، كأس سكر يسبب التعفف والتعقل وليس الهذيان”.. وما هو هذا الكأس؟ هو الكأس الروح، كأس دم الرب الأبدي الذي لا يقيد قوتنا بل يشددها، لا يحل أعصابنا بل يقويها. هذا الكأس يخلق في داخلنا السلام، هذا الكأس يكرمه القديسين، ويرتعب منه الشرير. إنه الكأس الجدير بالتقدير والاحترام من جانب البشر والمحبوب لدى الله. اسمع ماذا قال داود عن هذا الكأس الروحي الموجود على المائدة المقدسة: “قدمت لي كأسًا يعطي سكرًا قويًا وعظيمًا” (مز23: 5 س) لقد أضاف داود عبارة “قويًا وعظيمًا” حتى لا تخاف عندما تسمع كلمة “سكرًا” وتظن أنه يجلب مرضًا.

إذن لدينا طريقة جديدة للاستعداد لحلول الروح القدس علينا تضع فينا قوة وتجعلنا أكثر انضباطًا، وأكثر عافية، لأنه يأتي من منبع روحي. وهو لا يضلل أفكارنا لنفعل الشر ولكنه يخلق فينا أمورًا روحية جديدة. 

“يوم العنصرة” هو يوم انطلاق الكنيسة إلى العالم، ولا يتمّ ذلك بقوّة بشريّة أو أرضيّة، بل بواسطة الرّوح القدس الذي أصبح معنا وأمدّنا بقوّة السّماء لنقوم بعمل الله على الأرض. لنتذكّر دائمًا أن روح الرّب هو الرّوح القدس، أي أنّه قدوس. وهذه دعوة لنا لكي نكون مقدّسين. فلا يمكن أن تكون أجسادنا هياكل للروح القدس إن لم تتطهّر وتتقدّس أوّلًا بدم الرّب يسوع. وهذا الرّوح هو الذي يمد الكنيسة بالقوّة لكي تنطق بما يشاء الرّوح، أي “كما أعطاهم الرّوح أن ينطقوا”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى