افتتاحية العدد

الدعم وضمانه للأكثر احتياجًا – الأب رفيق جريش

طالما كان موضوع الدعم موضوعاً يسبب صداعاً مزمناً للحكومات المتتالية منذ الستينات من القرن الماضي وحتى اليوم. وليس خفياً على أحد أن القادة والسياسيين والاقتصاديين كانوا يخشون الاقتراب من هذا الموضوع الشائك الذي يمس كثيرين من أبناء الشعب. ولا ننسى ۱۸ و۱۹ يناير ۱۹۷۷ عندما حاول الدكتور عبد المنعم القيسوني زيادة أسعار بعض السلع، تخفيفاً على ما تدفعه الحكومة من الدعم، حتى قامت مظاهرات في كل أنحاء مصر واضطر الرئيس السادات أن يلغي هذا القرار، فهدأت الأمور. وتأرجح الاقتصاد المصري كثيرا بين الاشتراكية الناصرية والانفتاح الساداتي وتحول إلى نوع من التوازن في الرؤية.

إلا أن موضوع الدعم عاد يطفو على السطح مرة أخرى. وحالياً، يعكف مجلس أمناء الحوار الوطني على وضع تصورات نهائية لمناقشة قضية الدعم، كما يستقبل حاليا مقترحات المتخصصين والقوى السياسية والأهلية والنقابية والشبابية في هذا الشأن الشائك، لتحديد مستحقي الدعم، وما هي الفئات المستهدفة والمستحقة له، وكذلك دراسة مزايا وعيوب الدعم العيني والدعم النقدي.

كما سيقوم بدراسة الآليات والضمانات الخاصة بوصول الدعم لمستحقيه الحقيقيين. ومن المعروف أن قضية الدعم ووصوله لمستحقيه هي موضوع لا يهم فقط صناع القرار والمتخصصين، ولكن لا أبالغ إن قلت أنه موضوع يهم كل بيت وأسرة في مصر، لأنه يمس أساس دخلهم ومعيشتهم. لذا اقترح أولا أن يطرح الموضوع للحوار المجتمعي، خاصة حال الوصول إلى شبه قرار فيه، حتى يشعر كل مواطن إنه مشارك فيه ومسئول عنه عند تطبيقه.

من ناحية أخرى، قد أميل للدعم النقدي، لأن له العديد من الإيجابيات وفي مقدمتها القضاء على الفساد والمنتفعين، وكذلك منع تسريب الدعم لغير المستحقين، وبالتالي زيادة قدرة المستحقين الشرائية، مما يحقق “العدل المنشود والتوزيع العادل” بين فئات الشعب المختلفة، وكذلك فإن توزيع الدعم النقدي سيكون أسهل في الوصول لمستحقيه حال تنظيم الآليات والبيانات الخاصة لهؤلاء المواطنين.

يبقى موضوع واحد، وهو من عيوب توزيع الدعم النقدي، أن المواطنين البسطاء قد يصرفونه في غير موضعه، بسبب الاحتياج من ناحية، والجهل من ناحية أخرى. ولكن من حقهم علينا أن ننظر إليهم بعين الاعتبار وبالمساعدة والعدل، فربما هؤلاء قد يحتاجون الدعم العيني حتى يصل إليهم الذي يستحقونه حقيقة من مأكل وملبس وما إلى ذلك.

لذا أرجو من القائمين على الحوار الوطني دراسة هذه الجزئية باستفاضة حتى لا يظلم أحد من المواطنين فكفى ظلم الأيام عليهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى