
في الماضي، كان من يمتهن مهنة الصحافة يتفاخر أنه صحفي وله شأن في المجتمع، خاصة في مجتمع المثقفين، بل أصبحت مهنة خطرة، بل قاتلة في أحيانا كثيراً، خاصة للمراسلين المحاربين والمتواجدين على خطوط ضرب النار المختلفة، وينقلون لنا الصور البشعة للحرب من دمار وقتل وتفجيرات. وکثیرون من هؤلاء الصحفيين يفقدون حياتهم أو عائلتهم، ورغم ذلك يستكملون جهادهم لنقل الصور البشعة وتقديم التحليلات والمستجدات في سواحل القتال المختلفة، وقد صدر عن منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة “اليونسكو” تقريراً مخيفاً هو أن هناك خلال العامين الماضيين صحفيا يتم اغتياله كل أربعة أيام.
وأصدرت المنظمة الدولية تقريرا بالتزامن مع اليوم الدولي لإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين من قبل الجيوش سواء النظامية أو المليشيات المختلفة، جاء فيه أنه من بين 162 حالة قتل للصحفيين في عامي 2022 و2023 وقعت أكثر من نصف هذه الحالات في دول تعاني النزاع المسلح.
وأوضح التقرير أن معظم هؤلاء الصحفيين ماتوا في بلادهم، ونتذكر المراسلون الذين قتلوا من قبل الاحتلال الإسرائيلي مثال شرين أبو عاقلة، أو أولئك الذين لقوا حتفهم في دول لا تعاني نزاعا، قتلوا بسبب عملهم في مكافحة الجريمة المنظمة أو مكاشفة الفساد مثل دول أمريكا اللاتينية، حيث الجريمة المنظمة بسبب عصابات المخدرات والسلاح والدعارة ويسمونها الكارتل، أو في أثناء تغطيتهم الاحتجاجات والمظاهرات التي تتم في بعض الدول، ناقلين طلبات الشعوب ومن مثال ذلك فنزويلا وجورجيا في الوقت الحاضر.
واحتلت فلسطين المركز الأول في حالات قتل الصحفيين عام 2023، حيث تم تسجيل 24 حالة داخل الأراضي المحتلة، بينما سجلت المكسيك أيضا في 2022 أكبر عدد قتلى بـ 19 صحفيا حينها، إلى جانب الحروب المشتعلة في كل مكان في العالم بجانب ما تم في غزه وأيضاً في أوكرانيا والسودان وأماكن أخرى كثيرة مشتعلة لا تظهر بالقدر الكافي في الإعلام.
هؤلاء حملوا كاميراتهم، وبالكلمة نقلوا الحقائق بدلاً من الأسلحة الفتاكة وخاطروا بحياتهم ولم يبالوا بالمخاطر التي يتعرضون لها هم وأسرهم. انظروا إلى ناقلي جرائم الاحتلال الإسرائيلي في غزه الذين ينقلون لنا تدمير “الإنسان” وكلهم يعتبرون أنفسهم محاربين من أجل الحق فاصبحوا شهداء الواجب فلهم منا كل احترام وتقدير وشكر.