الإفلات من العقاب السائد ضد المسيحيين يُهدد مقومات الحياة.. كنائس القدس تُندد بالهجمات المتكرّرة التي تستهدف بلدة الطيبة بالضفة الغربية

رغم الزيارة الأخيرة لرؤساء الكنائس في 14 يوليو الماضي، وما تبعها من زيارة السفير الأمريكي، لم يتوقّف العنف ضد بلدة الطيبة الفلسطينيّة المسيحيّة بالضفة الغربية، إذ تعرّضت لهجوم جديد في الليلة بين 27 و28 يوليو، عندما اقتحمت مجموعة من المستوطنين البلدة، ورشقوا منازل السكان بالحجارة، وحاولوا إحراق أحدها، كما خطّوا عبارات تهديديّة باللغة العبرية على الجدران، وأضرموا النار في 3 سيارات خاصة.

وحين خرج عدد من الشبان الفلسطينيين لحماية منازلهم ومواشيهم وعائلاتهم، لاذ المهاجمون بالفرار، ووصلت قوات الاحتلال بعد أكثر من ساعة من وقوع الاعتداء. وتُعدّ هذه الاعتداءات امتدادًا لهجمات متكررة تنفذها مجموعات من المستوطنين تُطلق على نفسها “شباب التلال”، بقيادة رجل الدين المتطرّف نيريا بن بازي، والتي سبق أن استهدفت الأراضي الزراعية والمواشي في البلدة.

وفي السياق عبر بطاركة ورؤساء الكنائس في القدس، عن بالغ قلقهم وإدانتهم الشديد للاعتداءات المتكررة التي تستهدف بلدة الطيبة، فقد أُحرقت عدة سيارت، وكُتبت عبارات كراهية على الجدران في اعتداءٍ واضح يُراد منه ترهيب بلدة مُسالمة متجذّرة في أرض السيد المسيح.

وقال رؤساء الكنائس في بيانهم: إن هذه الجرائم المؤلمة لا تُعدّ حوادثًا منفردة، بل تأتي ضمن سلسلة مقلقة من أعمال العنف التي يرتكبها مستوطنون إسرائيليون بحق أهالي الضفة الغربية، بما يشمل منازلهم وأماكنهم المقدسة وأنماط حياتهم اليومية. وقبل أيام اقتحم مستوطنون بلدة الطيبة وأدخلوا ماشيتهم إلى قلب البلدة، فيما جاب ملثمون، بعضهم مسلّح وآخرون يمتطون الخيل، شوارعها ناشرين الرعب بين الأهالي ومنتهكين قدسية الحياة اليومية. وقد امتدت ألسنة نيرانهم إلى جدران الكنيسة التاريخية في البلدة، التي تشهد على الوجود المسيحي الأصيل المتجذّر في الأرض المقدسة.

وعبر رؤساء الكنائس عن أسفهم أن البيانات الرسميّة عن السلطات الإسرائيلية اختزلت ما جرى بمجرّد أضرار ماديّة، متجاهلة السياق الأوسع لحملة الترهيب المنظّمة والانتهاكات المتكرّرة. وقالوا: إن مثل هذا الخطاب المقتضب يُشوّه الحقيقة ويتغافل عن خروقات جسيمة للقانون الدولي الإنساني ومواثيق حقوق الإنسان، بما في ذلك الحق في حرية ممارسة الشعائر الدينيّة وضرورة حماية التراث الثقافي.

حملة تضليلية أطلقتها المستوطنين الإسرائيليين

وبحسب بيان رؤساء كنائس القدس؛ ما يثير القلق أكثر هو الحملة التضليلية التي أطلقتها مجموعات مرتبطة بالمستوطنين الإسرائيليين ردًا على الزيارات الدبلوماسيّة الأخيرة إلى الطيبة. فبدلاً من التصدي للانتهاكات الخطيرة القائمة، تسعى هذه الروايات إلى تشويه صورة الضحايا والنيل من مشروعيه التضامن الدولي معهم. وتأتي هذه المحاولات لصرف الأنظار وتبرئة سلوكيات غير قانونيّة تتعارض مع الأعراف الدوليّة.

وأشار رؤساء الكنائس عن بالغ القلق لمناخ “الإفلات من العقاب” السائد، الذي يهدد مقومات الحياة في أرض القيامة. فغياب المساءلة لا يُهدّد الوجود المسيحيّ فحسب، بل يُضعف أيضًا الأسس الأخلاقيّة والقانونيّة التي يرتكز عليها السلام والعدالة.

وطالب رؤساء الكنائس من الحكومة الإسرائيلية أن تتحلى بالوضوح والالتزام، ومحاسبة الجناة من دون تأخير؛ وتوفير الحماية الفاعلة والمستدامة لأهالي الطيبة ولسائر المجتمعات المعرضة لخطر اعتداءات المستوطنين في الضفة الغربية؛ والوفاء بالتزاماتها القانونية الدولية وضمان المساواة أمام القانون.

(أبونا)

Exit mobile version