كانت أهمية الزيارة إلى جنوب السودان على الصعيد العالمي كحج سلام ومصالحة مسكوني محور مقابلة أجراها مدير التحرير في الدائرة الفاتيكانية للاتصالات أندريا تورنييلي مع رئيس أساقفة كانتربري الذي رافق الأب الأقدس في هذه الزيارة.
من الصفات المميزة للزيارة التي أنهاها قداسة البابا فرنسيس أمس الأحد إلى جنوب السودان كحاج سلام كونها زيارة مسكونية، حيث رافقه فيها كلُّ من رئيس أساقفة كانتربري جاستن ويلبي رأس الكنيسة الأنغليكانية، ورئيس الجمعية العامة لكنيسة إسكتلندا إين جرينشيلدس. ومع رئيس أساقفة كانتربري أجرى مدير التحرير في دائرة الاتصالات الفاتيكانية أندريا تورنييلي مقابلة وذلك عقب الحديث إلى الصحفيين مع قداسة البابا فرنسيس على متن الطائرة التي عادت بهما إلى روما.
أجاب رأس الكنيسة الأنغليكانية في البداية على سؤال حول انطباعاته في ختام الزيارة إلى جنوب السودان، أي ذلك الحج مع البابا ورئيس الجمعية العامة لكنيسة إسكتلندا من أجل تشجيع السلام والمصالحة في بلد يتألم بسبب الحرب والفقر. وأعرب رئيس الأساقفة عن قناعته بأن الزيارة كان لها تاثير على الصعيد المحلي وعلى الصعيد العالمي أيضا. وأشار هنا إلى أن اشتراك قادة الكنائس الثلاث لأول مرة في زيارة هو علامة رجاء من أجل السلام والمصالحة في العالم بأسره. وتابع: فإن كان مَن كانوا يقتلون بعضهم البعض لمئة وخمسين سنة ويتبادلون الإدانات لمدة ٣٠٠ سنة يتواجدون معا اليوم سعيا إلى السلام والمصالحة، فيمكن بالتالي لأي طرف أن يقوم بهذا. وواصل رئيس أساقفة كانتربري مشيرا إلى أنه لا يحمل في إصبعه عادة الخاتم الذي أهداه البابا بولس السادس إلى رأس الكنيسة الأنغليكانية الأسبق مايكل رامسي في ستينيات القرن الماضي كأول علامة للرباط بين الكنيستين، إلا أنه حمل هذا الخاتم خلال الزيارة إلى جنوب السودان. وأضاف أن هذا الخاتم والعصا الرعوية الذي أهداه إياه البابا فرنسيس سنة ٢٠١٦ هما علامتان تؤشران بقوة إلى ما حدث من تغير في القلوب. وشدد رئيس الأساقفة على الحاجة إلى تغيرات في القلوب، وأشار إلى أن أعمال الروح القدس في الكنيسة والتحركات الكاريزمية على الأصعدة المحلية قد أسقطت الكثير من الحواجز التي كانت تفصل بيننا، ومكنتنا من عيش المسكونية وتطبيقها.
واصل رئيس الأساقفة جاستن ويلبي حديثه عن المسكونية فعاد إلى تأثرها بتبعات الحرب العالمية الثانية والفترة التي تلتها، وتحدث هنا عما وصفها بمسكونية المعاناة. كما وتحدث عن عامل هام آخر ألا وهو مسكونية إعلان إنجيل السلام، سواء السلام بمعناه المادي خلال الحروب أو السلام داخل قلوب البشر. وتابع حديثه مشددا بالتالي على أن صرخته وصلاته في جنوب السودان كانتا من أجل تغيرات في قلوب القادة، وأضاف أنه خلال حديثه في هذا البلد كان يسمع صرخة الجموع في كل مرة يُذكر فيها السلام وسلامة النساء وضرورة القضاء على الفساد، وقال رئيس الأساقفة: شعب جنوب السودان يطالب بالسلام، وعلى القادة منحه إياه.
وفي إجابته على سؤال حول أهمية هذه الزيارة المسكونية بالنسبة للمستقبل ولدول أخرى وأوضاع أخرى قال رأس الكنيسة الأنغليكانية متسائلا: كم شخص قام من بين الأموات في أحد الفصح؟ واحد، أجاب، وأضاف: كيف يمكننا أن نكون كنائس عديدة بينما هناك قيامة واحدة هي ينبوع حياتنا، وإله مصلوب واحد هو ينبوع ما نلنا من مغفرة، وروح قدس واحد هو ينبوع حياة الكنيسة ومواهبنا. وتابع: لقد فعل الله كل هذا كي يجعل مصالحتنا ممكنة، إلا أن كبرياء البشر هو ما يقاوم هذا. وأضاف أن هذا الكبرياء قد لا يكون الأشخاص على وعي به، وتحدث عن الأزواج الذين قد يعيشون لسنوات منفصلين حتى أنهم يعتادون هذا الأمر ويعتبرونه طبيعيا. وواصل رئيس الأساقفة جاستن ويلبي أننا في حاجة إلى أن يتم تذكيرنا دائما بأن الأمر الطبيعي هو عمل الكنيسة كشيء واحد، ومن غير الطبيعي أن تكون هناك منافسة. وأعرب عن الرجاء أن تُذكِّر الزيارة إلى جنوب السودان الأشخاص بهذا.
وفي ختام المقابلة التي أجراها معه مدير التحرير في الدائرة الفاتيكانية للاتصالات أندريا تورنييلي قال رئيس أساقفة كانتربري ورأس الكنيسة الأنغليكانية جاستن ويلبي: لا أعلم إلى أي مدى بلغت المسكونية الأعماق، هي منتشرة جدا، ولكني لست واثقا أنها على عمق كافٍ في قلوب الكثير من القادة المسيحيين في العالم بأسره. نحن جميعا في حاجة إلى العودة إلى يسوع الذي يدعونا قائلا “اتبعوني”، لا اتبعوني واتبعوا فلان وفلان.
(المصدر راديو الفاتيكان)