كلمة الكاردينال جريش إلى البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان

في إطار زيارة رعوية يقوم بها للبنان شارك أمين عام سينودس الأساقفة الكاردينال ماريو جريش في لقاء عُقد في بكركي لجمعية البطاركة والأساقفة الكاثوليك، والتي شهدت مشاركة عدد من الأساقفة القادمين من بلدان الانتشار وحضرها أيضا السفير البابوي في لبنان.

وجه نيافته للحاضرين خطاباً عبر في مستهله عن سروره للقاء الأساقفة والبطاركة في هذه الأوقات الصعبة التي يمر بها لبنان، وأكد أن الكنيسة في مختلف أنحاء العالم تصلي من أجل الشعب اللبناني وتقاسمه تطلعاته إلى السلام والاستقرار السياسي والازدهار الاقتصادي والأخوة بين جميع أبناء الوطن، ولفت بعدها إلى أن المسيرة السينودسية التي اقترحها البابا فرنسيس تدعونا إلى السير معاً في درب المسيح القائم من الموت، في إطار الإصغاء المتبادل والحوار والتمييز والوفاق وتقاسم المسؤوليات.

بعدها انتقل نيافته إلى الحديث عن تقاليد الكنائس الشرقية التي اختارت السينودسية كتعبير مميز وبنوي للشركة القائمة داخل الكنائس وفيما بينها. وقال إن هذه الشركة نمت في الشرق بدءا من القرن الثاني وصولا إلى البنى البطريركية التي تميز تلك الكنائس بدءا من القرن السادس.

وأضاف أن هذه التقاليد السينودسية هي مشتركة لدى جميع الكنائس البطريركية في الشرق، كاثوليكية كانت أم أرثوذكسية. ويمكنها بالتالي أن تساهم في تحقيق التقارب بين الكاثوليك والأرثوذكس. وشجع الحاضرين على الإفادة من هذه الفرصة لإعادة اكتشاف أسس السينودسية في الشرق، مؤكدا انفتاح أمانة سر سينودس الأساقفة على التعاون في مجال التأملات والمقترحات.

لم يخل خطاب الكاردينال جريش من الإشارة إلى الجمعية الاستثنائية لسينودس الأساقفة من أجل لبنان عام ١٩٩٥، ومن أجل الكنسية الكاثوليكية في الشرق عام ٢٠١٠. وتوقف عند الإرشادين الرسوليين للبابا يوحنا بولس الثاني “رجاء جديد للبنان”، وللبابا بندكتس السادس عشر “الكنيسة في الشرق الأوسط”، لافتا إلى أن الوثيقتين تشكلان خارطة طريق لإصلاح الكنائس، وتجديد رسالتها في تلك المنطقة من العالم، وتعزيز الوحدة بين المسيحيين والحوار بين الأديان، فضلا عن تطور المجتمعات الشرق أوسطية نحو الاستقرار السياسي والعدالة الاجتماعية واحترام كرامة وحريات الأشخاص، في دولة القانون حيث لكل مواطن حقوق وواجبات.

وقال إنه لمناسبة مرور خمس وعشرين سنة على الإرشاد الرسولي الأول وعشر سنوات على الإرشاد الرسولي الثاني لقد آن الأوان لتقييم التأثير الذي تركه السينودسان على الحياة الكنسية في المنطقة.

تابع الكاردينال جريش خطابه متوقفا عند مسيرة إصلاح الكنيسة وأكد أن هذا الهدف لم ولن يتحقق إلا من خلال مساهمة جميع أعضاء الكنيسة بروح من الإصغاء المتبادل والطاعة لكلمة الله، مشددًا في هذا السياق على الحاجة الماسة إلى مشاركة ناشطة من قبل الشبان والنساء وشرائح المجتمع الأكثر تهميشاً، خصوصا في هذه الأوقات العصيبة التي تمر بها البلاد. ولفت على سبيل المثال إلى المسيرة التي أدت إلى نشر الوثيقة بعنوان “نختار الحياة: مسيحيو الشرق الأوسط نحو تجدد الخيارات اللاهوتية والاجتماعية والسياسية”. وأكد أن السينودسية هي اتباع الرب بتوجيه من الروح القدس في إطار الحوار والتمييز واتخاذ القرارات خلال رحلة حج شعب الله نحو الملكوت. ولفت في هذا السياق إلى أن جميع الكنائس الخاصة والمحلية والتي تعيش وتتغذى من السينودسية، تغني وتعزز الشركة بين جميع كنائس العالم.

هذا ثم أكد نيافته أن التجدد الكنسي والإرسالي، المطلوب من أجل السينودسية، ينعكس في الحياة الليتورجية للكنائس الشرقية، وفي التعليم المسيحي والحياة الرعوية والأبرشية، وفي الرسالة التي يقوم بها أعضاء الكنيسة كشهود للمسيح القائم من الموت في المنطقة حيث وُلد الرب وعاش ومات وقام من بين الأموات من أجل خلاصنا.

 وشدد في هذا السياق على ضرورة إيلاء اهتمام خاص بالفقراء وضحايا الظلم والعنف وشتى أنواع الانتهاكات. وعبر نيافته عن تضامنه مع ذوي ضحايا انفجار مرفأ بيروت، مؤكدا أن قرب الأخوة والأخوات من هؤلاء يمنحهم العزاء الروحي والمعنوي المطلوب.

(المصدر راديو الفاتيكان)

Exit mobile version