الكاردينال تسوبي يتحدث عن الحرب في أوكرانيا مشددا على ضرورة عدم اعتبار الضحايا المدنيين أضراراً جانبية
أكد رئيس مجلس أساقفة إيطاليا، الكاردينال ماتيو تسوبي، أن استضافة اللاجئين تعني العمل من أجل السلام، وأعلن عن مبادرة أطلقها الأساقفة الإيطاليون ستُفسح المجال أمام مئات الأطفال والمراهقين الأوكرانيين بالتوجه إلى إيطاليا الصيف المقبل وإمضاء فترة مع عائلات إيطالية مضيفة، وسلط الكاردينال الضوء خلال مشاركته في مؤتمر استضافته جامعة الكاردينال فيجينسكي بالعاصمة البولندية من أجل التباحث في أوضاع النازحين الأوكرانيين الذين تستضيفهم بولندا منذ اندلاع الحرب؛ قائلًا: “إذا كان الحقد ثمرة العداوة، فالسلام هو ثمرة التضامن، لذا من الأهمية أن تستمر بولندا في توفير الضيافة”. وشاء نيافته أن يحيي الجهود المبذولة في هذا السياق مشجعاً على متابعتها، في بولندا ودول أوروبية أخرى، وقال: “صحيح أن كل شيء يمكن أن يتغيّر، يكفي أن نحمل بعض النور وسط العتمة، فحتى النور الخافت قادر على تغيير كل شيء”، وذلك في إشارة إلى البرامج والمبادرات الكثيرة التي تقوم بها هيئة كاريتاس ومنظمات أخرى لصالح السكان الأوكرانيين.
وفي مداخلته تحدث حول بعض الأرقام والإحصائيات، موضحًا أنها تساعدنا على فهم حجم المأساة الراهنة، والتي يعيشها الأوكرانيون منذ اندلاع الحرب في فبراير ٢٠٢٢، وأكد: على سبيل المثال أن عائلة أوكرانية من أصل ثلاث أجبرت على ترك ديارها، فيما يتواجد اليوم 6 ملايين مواطن أوكراني في عدد من الدول الأوروبية، بينهم مليون في بولندا وحدها، بالإضافة إلى 5 ملايين من المهجرين داخليًا، وقال تسوبي: يمكننا أن نتصور المعاناة والصعوبات التي يواجهها من فقدوا كل شيء ومن يتعين عليهم أن يعيدوا بناء حياتهم، ولفت إلى أن عدد الفقراء في أوكرانيا ارتفاع بضعفين خلال سنتين فقط، في وقت تؤكد فيه الأمم المتحدة أن 7 ملايين أوكراني يعانون من أزمة غذائية.
وحذر رئيس مجلس أساقفة إيطاليا من الاعتياد على الوضع الراهن أو الاستسلام للحرب المستمرة منذ سنتين، لأن هذا الأمر يولد المزيد من الألم والمعاناة، وذكّر في هذا السياق بمسؤولية المسيحيين في إنقاذ حياة الأشخاص، مشيرا إلى أنه لا يمكننا أن نقبل باعتبار الضحايا المدنيين، وعددهم هو الأكبر في كل الحروب، مجرد أضرار جانبية، وفي سياق حديثه عن المبادرات التي أطلقها الأساقفة الإيطاليون لصالح الأوكرانيين، لفت الكاردينال تسوبي إلى برنامج سيفسح المجال أمام مئات لا بل آلاف الأطفال والمراهقين الأوكرانيين الذين فقدوا والديهم في الحرب، أو الفارين من الصراع، أن يمضوا فترة لدى العائلات الإيطالية، وقال: إن هذه المبادرة ستساعد الإيطاليين على اختبار ما عاشه مواطنون بولنديون كثيرون فتحوا بيوتهم للنازحين الأوكرانيين، بعد أن تفهموا معاناتهم وحاجتهم إلى إيجاد ملاذ آمن، وأشار أيضًا إلى المبادرات العديدة التي يقوم بها الكرسي الرسولي لصالح السلام، وأوضح أنه لا توجد في الوقت الراهن خطة للوساطة، ويبدو أن هناك قلقاً كبيراً عبر عنه البابا فرنسيس في مناسبات عدة، داعياً إلى تسهيل كل ما من شأنه أن يقود إلى حل سلمي للصراع المسلح، ولفت الكاردينال إلى وجود حوار حمل بعض الثمار، مع أنها تبقى قليلة جداً، خصوصًا وأن أرواح الناس هي على المحك.
من جانبه سلط المطران جاديكي الضوء على النشاطات التي تقوم بها الكنيسة المحلية مقدماً لمحة عن المساعدات المقدمة للنازحين الأوكرانيين مشيرا إلى تعاون الحكومة، وقال على سبيل المثال إن الكنيسة وفرت أماكن للإقامة للنازحين في مراكز كاريتاس وفي دور العجزة التابعة لها والأديرة والإكليريكيات، والمراكز التابعة للحركات والجماعات الكنسية، مشيرا إلى أنه في المدن الرئيسة الـ12 تم استضافة 525 ألف عائلة أوكرانية.
انعقد المؤتمر تحت عنوان “نازحون بأعداد كبيرة من أوكرانيا بسبب العدوان الروسي. نموذج الضيافة البولندي”، في حرم الجامعة التي تحمل اسم الكاردينال البولندي وكبير أساقفة بولندا فيجينسكي، وقد رعى أعمال المؤتمر رئيس الأساقفة ستانيسلاو جاديكي، رئيس مجلس أساقفة البلاد، وشهدت مشاركة عدد كبير من الخبراء في مختلف المجالات، بينهم ممثلون عن عالم العلم والمنظمات الإنسانية البولندية والليتوانية، بالإضافة إلى بعض الشخصيات السياسية. وقد حل الكاردينال تسوبي كضيف مميز مع العلم أن البابا فرنسيس كان قد أرسله العام الماضي، في مهمة سلام، إلى كييف وموسكو وواشنطن وبكين.
(راديو الفاتيكان)