البطريرك الماروني: نصلي معا من أجل لبنان كي يخرجه الله من ظلمة أزماته إلى نور تحريره ومواصلة رسالته

ترأس البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي القداس الإلهي يوم الأحد في كنيسة مار مارون في المعهد الحبري الماروني في روما وألقى عظة في أحد زيارة العذراء لإليصابات بعنوان “ذهبت مريم مسرعةً إلى بيت إليصابات” (لو1: 29) واستهلها قائلا” بشّر الملاك جبرائيل مريم بأنها نالت نعمة عند الله، وهي أنها تحمل وتلد ابنًا بقوة الروح القدس، وهي عذراء، والمولود منها هو ابن الله، واسمه يسوع (راجع لو1: 30-35). وأعلمها أن نسيبتها إليصابات حملت بابن في شيخوختها، وهي في شهرها السادس (راجع لو1: 26).

في عظته مترئسا القداس الإلهي يوم الأحد السابع والعشرين من تشرين الثاني نوفمبر، قال البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي “أما وقد مر علينا حزينًا عيد الاستقلال، نصلّي معًا في هذه الليتورجية الإلهية من أجل الاستقرار في لبنان العزيز بدءًا بانتخاب رئيس جديد للجمهورية. ذلك أن بغياب رئيس تتفكّك أوصال الدولة، ويهتز الكيان، وتتزعزع الوحدة الداخلية، ويتعطّل فصل السلطات، ويتكاثر النافذون، وتدب الفوضى، وتتفاقم الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمعيشية، كما هو حاصل وبكل ألم”. “كم نتمنى” – قال البطريرك الراعي في عظته – “لو أن نواب الأمة في لبنان وكتلهم يدخلون في إطار هذا التيار الروحي الجديد، الذي يشكل أساس العيش معًا وحوار الحياة والثقافة والمصير. أعني به “السير معًا بروح الشركة والمشاركة والرسالة”. إنها في الحقيقة تشكل جوهر النظام اللبناني القائم على التعددية الثقافية والدينية في وحدة العيش المشترك، والمشاركة في الحكم والإدارة، بروح الميثاق الوطني والدستور. هذا الجوهر الكياني جعل من لبنان “صاحب رسالة ونموذج للشرق كما للغرب”، على ما قال عنه القديس البابا يوحنا بولس الثاني. بقطع النظر عن العُرف القائل بوجوب نصاب ثلثي أعضاء مجلس النواب في جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، يجب ألّا ننسى المبدأ القانوني القائل: “ان لا عرف مضادًا للدستور”. الدستور بمادته 49 عن انتخاب الرئيس بثلثي الأصوات في الدورة الأولى، وفي الدورة التالية وما يليها بالأغلبية المطلقة (نصف زائد واحد). فلماذا إقفال الدورة الأولى بعد كل اقتراع وتعطيل النصاب في الدورة التالية خلافًا للمادة 55 من النظام الداخلي للمجلس؟”.

وأضاف غبطته يقول “لا يستطيع المجلس النيابي مواصلة التلاعب والتأخير المتعمَّد في انتخاب “رئيس للدولة يؤمِّن استمرارية الكيان والمحافظة على النظام”. فما هو المقصود؟ أعكس ذلك؟ أعدم فصل السلطات؟ أمحو الدور الفاعل المسيحي عامة والماروني خاصة؟ لماذا رئيس مجلس النواب يُنتخَب بجلسة واحدة وحال موعدها؟ ولماذا يتم تكليف رئيس الحكومة فور نهاية الاستشارات الملزمة؟ أهما أهم من رئيس الدولة؟ إكشفوا عن نواياكم يا معطّلي جلسات انتخاب رئيس للدولة! إذهبوا وانتخبوا رئيسًا قادرًا بعد انتخابه أن يجمع اللبنانيين حوله وحول مشروع الدولة، ويلتزم الدستور والشرعية والقوانين اللبنانية والمقررات الدولية، ويَمنع أن يتطاول عليها أي طرف وأن يحول دون تنفيذها وتعطيلها، أو أن يتنكّر لدور لبنان ورسالته في المنطقة والعالم. لا تنتخبوا رئيسًا لهذا الحزب أو التيار أو المذهب. ولا تنتخبوا رئيسًا لربع حل أو نصف حل، بل لحل تدريجي كامل. فرئيس لبنان يكون لكل لبنان أو لا يكون، مثلما يكون لبنان لكل اللبنانيين أو لا يكون. يبقى أن يكون كل اللبنانيين للبنان بولائهم الوطني وخضوعهم لدستور الدولة”.

وأشار البطريرك الراعي في عظته إلى أن “لبنان لا يستطيع انتظار حلول الآخرين لينتخب رئيسه، خصوصًا أن ما يحصل في الـمنطقة لا يعد حتمًا بإيجاد حلول للمشاكل القائمة، بل يبقى الخطر قائمًا بنشوء حروب جديدة من شأنها أن تُعقّد الحل اللبناني. وحتى الآن نسمع باتصالات ومبادرات من هذه الدولة أو تلك ولا نرى نتائج. إن المحطات التاريخية في لبنان أتت نتيجة مبادرات لبنانية ولو كانت دول صديقة ساعدتنا على تحقيقها. فإنشاء دولة لبنان الكبير والاستقلال جاءا نتيجة جهد لبناني أثّر على الخارج وليس العكس. فما بالنا نعطّل انتخاب رئيس للجمهورية. ولماذا يدّعي البعض أن انتخاب الرئيس ممكن بعد رأس السنة. فما الذي يَمنع انتخابه اليوم؟ فهل سيتغيّر العالم سنة 2023؟

وختم البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي عظته قائلا “نصلّي معًا من أجل لبنان، كي يخرجه الله من ظلمة أزماته إلى نور تحريره ومواصلة رسالته. فهو سميع مجيب! له المجد إلى الأبد”.

(المصدر راديو الفاتيكان)

Exit mobile version