Uncategorized

البطريرك الماروني: إلى عناية الله وأنوار روحه القدوس نكل مسيرة وطننا وشعبنا راجين الوصول إلى ميناء الأمان

ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي يوم الأحد، الثالث من سبتمبر، القداس الإلهي في كنيسة المقر البطريركي الصيفي في الديمان، والقى عظة بعنوان “خطاياها الكثيرة مغفورة، لأنّها أحبّت كثيرًا” (لو 7: 47).

استهل البطريرك مار بشارة بطرس الراعي عظته قائلا إن “أهمّ ميزة في الإنسان أن يكون في قلبه حب. ذلك أنه “مخلوق على صورة الله ومثاله” (تك 1: 27)، والله بجوهره محبة. كتب يوحنا الرسول في رسالته الأولى: “لنحب بعضنا بعضًا، لأن المحبة هي من الله ومن يحب فهو مولود من الله، ويعرف الله. لأن الله محبة” (1 يو 4: 7-8). وأضاف غبطته يقول “في هذا الحدث الإنجيلي بانت قدرة المحبة وشجاعتها وتأثيرها على قلب الله، فتلك المرأة الخاطئة المعروفة في المدينة قادها الحب الذي في قلبها ليسوع، وألهمها قرار التوبة والتماس مغفرة خطاياها من محبته بالأفعال لا بالكلمات. هذا الحب علّمها أن يسوع الرحوم قادر أن يغفر خطاياها الكثيرة، ويجعلها تبدأ الحياة من جديد، ذرفت دموع التوبة على رجلي يسوع، ونشفتهما بشعرها. قبّلت قدميه ودهنتهما بالطيب، بهذه الأفعال عبّرت عن ندامتها وحبّها ليسوع فقال للفريسي مستضيفه المتشكك: “هذه المرأة مغفورة لها خطاياها الكثيرة لأنها أحبّت كثيرًا” (لو 7: 47). ولها قال: “إيمانك خلّصكِ! إذهبي بسلام!” (لو 7: 50). وأضاف غبطته” من يحبّ الله، يقرّ بخطاياه ويتوب نادمًا، والله يغدق عليه غفرانه مهما كان ثقل خطاياه، لأنّه يقرأ في قلبه إيمانه بقدرة الغفران”.

وقال البطريرك الراعي في عظته “إيمان وحب وتوبة. ثلاثة مترابطة يعلّمها الرب يسوع في حادثة الإنجيل” امتدح يسوع إيمان المرأة الخاطئة وحبّها وتوبتها، وبادلها غفران خطاياها بحب أكبر، آمنت المرأة بيسوع، وأدركت أنّه قادر على أن يغفر خطاياها ويشفيها، لكي تبدأ حياة جديدة. ولهذا قصدته في بيت سمعان الفريسي، استعدّت للتوبة، وقصدته بحب وثقة، وقامت بمبادرة مزدوجة غنية بالمعاني: وقفت باكية عند قدميّ يسوع تبلّلها بالدموع. هي علامة انسحاق القلب والندامة، ندمت عن حياتها الماضية وعن الخطايا التي شوّهتها. بكت على حالها وماضيها، وأسفت وقرّرت تغيير مجرى حياتها، وبكت خجلًا على ما فعلت، وفي قلبها بريق أمل بأن يسوع سيتفهّمها ويغفر لها، الندامة هي هذا الإنسحاق في القلب والأسف على الحالة السيئة وعلى الماضي، وفي طيّات الندامة قرار حاسم بتغيير مجرى حياتها وطريقة عيشها، وإصلاح الحال، وراحت تنشّف قدميه بشعرها وتقبّلهما وتدهنهما بالطيب، هي علامة حبّها الكبير ليسوع، حب يفوق كل الأشياء والأشخاص، بفعل الحب الصامت والتعبيري في آن، كانت تقرّ بخطاياها غير المحصاة وتلتمس المغفرة”.

هذا وأشار البطريرك مار بشارة بطرس الراعي في عظته إلى أنه” تكثر بكل أسف، ولا سيما لدى معرقلي نهوض لبنان وانتخاب رئيس للجمهورية، القلوب الفارغة من محبة الله ورحمته وحنانه، ومن روح الندامة والتوبة عن الخطايا الشخصية. فأصبح المجتمع يعيش في هيكلية من الخطايا التي لا يتوب عنها أحد، وكأنها أصبحت خطايا من دون مرتكبين، يتكلّمون مثلًا عن الفساد ومكافحة الفساد ولا يعلم أحد من هم المفسدون، لا مجال لبدء حياة جديدة على كل الأصعدة الخاصة والعامة، الشخصية والجماعية، من دون إرادة إيمانية، وقرار بالتغيير في نمط التفكير والتصرف. الجميع، ولا سيما المسؤولون السياسيون، بحاجة إلى قلوب تملي عليهم ما يجب أن يفعلوا من خير”، وأضاف غبطته “الحوار المدعوون إليه نواب الأمّة، إذا حصل على الرغم من التجاذبات بين القبول والرفض، إنّما يقتضي أولًا المجيء إليه بدون أحكام مسبقة وإرادة فرض أفكارهم ومشاريعهم ووجهة نظرهم من دون أي اعتبار للآخرين؛ ويقتضي ثانيًا روح التجرّد من المصالح الشخصية والفئوية، ويقتضي ثالثًا اعتماد الدستور واعتباره الطريق الوحيد الواجب سلوكه؛ ويقتضي رابعًا الصراحة والإقرار بالأخطاء الشخصية والبحث عن الحقيقة الموضوعية التي تحرّر وتوحّد”.

وفي ختام عظته مترأسا قداس الأحد في كنيسة المقر البطريركي الصيفي في الديمان، قال البطريرك مار بشارة بطرس الراعي “إلى عناية الله وأنوار روحه القدّوس نكل مسيرة وطننا وشعبنا، راجين الوصول إلى ميناء الأمان، بنعمة الثالوث القدّوس، الآب والابن والروح القدس، له المجد والشكر الآن وإلى الأبد، آمين”.

(راديو الفاتيكان)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى