لمناسبة رحيل البابا الفخري بندكتس السادس عشر أجرت خدمة الإعلام الديني التابعة لمجلس الأساقفة الإيطاليين (SIR) مقابلة مع رئيس الجاليات الدينية المسلمة الإيطالية الإمام يحيى بالافيشيني، متذكرا اللقاء الذي جمعه بالبابا الراحل في أعقاب واقعة رجينسبورج، التي أحدثت جدلاً كبيراً في الأوساط المسلمة، وقال إن اللقاء تميز بالتواضع والكرامة.
وكان الإمام بالافيشيني قد التقى البابا راتسنجر في إطار لقاء جمع هذا الأخير مع مجموعة من السفراء والمسؤولين المسلمين الإيطاليين في القصر الرسولي الصيفي بضاحية كاستيل جاندولفو، وقال إن بندكتس السادس عشر استقبل ضيوفه بتواضع كبير، وقد تميز اللقاء أيضا بالغنى والعمق وتبادل وجهات النظر على أعلى المستويات.
يقول المسؤول الديني الإيطالي إنه التقى بالبابا الراحل في مناسبات عدة بيد أن اللقاء الأول حصل في كاستيل غاندولفو، واكتسب اللقاء أهمية كبيرة لأنه تم بعد السجال الكبير الذي أحدثه خطاب البابا في ريغيسنبورغ، وبهذه الطريقة أبصرت النور علاقة بين البابا والمسلمين الإيطاليين نمت مع مرور السنوات، ومهدت الطريق أمام لقاءات شارك فيها العديد من الحكماء المسلمين.
لقاء كاستيل جاندولفو حصل في الخامس والعشرين من سبتمبر ٢٠٠٦، بعد أسبوع تقريباً على واقعة ريغينسبورغ وشاء البابا من خلاله أن يعبر عن تقديره واحترامه الكبيرين للمؤمنين المسلمين.
تابع الإمام بالافيشيني قائلا إن البابا الراحل لم يشأ على الإطلاق أن يُحرج أو يجرح أحداً، ومع ذلك كان رجلاً متمسكاً بقناعاته، وهذا هو الإرث الذي يتركه لنا اليوم. وأضاف أن الاتفاق مع الآخر لا يعني بالضرورة التخلي عن قناعاتنا الشخصية، ولفت إلى أن بندكتس السادس عشر كان ممثلاً للاهوت المسيحي، وهو درس الفلسفة المسيحية الغربية، وقد تعمق في العلاقة بين الإيمان والعقل. وكثيرون هم الأشخاص الذين لم يفهموه، حتى من المسيحيين. ومع ذلك ظل منسجماً مع شخصيته.
ردا على سؤال حول نوع الحوار الذي أجراه البابا الراحل مع العالم الإسلامي، لاسيما بعد زيارته المسجد الأزرق في اسطنبول عام ٢٠٠٦ والعائلة المالكة الأردنية خلال زيارته للأرض المقدسة عام ٢٠٠٩، قال الإمام بالافيشيني إن الحوار الذي أقامه البابا راتسنغر مع الإسلام كان حوارا جاداً، ويتطلب صبراً كبيراً، وكان يتركز إلى معايير واضحة المعالم. ولم يكن حواراً يأتي بنتائج فورية، بل كان عبارة عن مسيرة تتطلب التعمق والتأمل والدراسة. وهذا الإرث الذي تركه البابا الراحل، مضى يقول، تبناه خلفه البابا فرنسيس، ما يعني أننا نعيش اليوم إرث البابوين يوحنا بولس الثاني وبندكتس السادس عشر. وقد عرف كيف يحترم هذا النهج وينميه، وقد وفر له انتشاراً دولياً، فاتحاً باب الحوار على الشعوب والعلماء على حد سواء، كي لا يقتصر الحوار على اللاهوتيين والفقهاء والفلاسفة، إذ لا بد أن يشمل أيضا الناس العاديين.
هذا ثم أكد رئيس الجاليات الدينية المسلمة الإيطالية في ختام حديثه لوكالة (SIR) أن البابا فرنسيس وضع لمسته الخاصة على هذا الحوار مستفيداً من الإرث الذي تركه سلفاه، وقد وجد الحوار مع البابا فرنسيس نمواً كبيراً ليس فقط بالنسبة للكنيسة أو المسيحيين، بل لدى جميع المؤمنين ومواطني العالم كله.
(المصدر آكي)