إعادة افتتاح كنيسة أم المعونة في الموصل بعد عقد من هجوم تنظيم داعش
احتفل نحو 300 شخص من أبناء مدينة الموصل، في شمال العراق، الجمعة 5 أبريل الجاري، على وقع التراتيل والزغاريد، بإعادة افتتاح كنيسة أم المعونة الدائمة التي كان حولها مقاتلون في تنظيم داعش إلى مقر لشرطته “ديوان الحسبة”. وقالت إلهام عبدالله، مدير المدرسة السابقة (74 عاما) “أنا فرحة جدًا، انتظرت هذا اليوم” طويلاً. وأضافت “إن شاء الله تعود الحياة إلى ما كانت عليه، وتعود الأسر المسيحية”.
يعود تاريخ بناء الكنيسة الكلدانية إلى العام 1944، وأنشد الحاضرون التراتيل أمام المذبح وتحت أعمدة الكنيسة الرخامية والرمادية. وقد حملت قبتا الكنيسة، ولونهما أحمر يخطف الأنظار، صليبين كبيرين. وقال عبدالمسيح سليم، مدير مصرف سابق (75 عامًا) جاء إلى الموصل بشكل خاص للمشاركة في إعادة افتتاح الكنيسة بعدما كان قد استقر في مدينة أربيل اثر سيطرة تنظيم داعش على الموصل في 2014، “أشعر كأن الحياة عادت من جديد وكأني ولدت من جديد، بعدما هجرنا الدواعش الظالمون”.
في عام 2014 سيطر تنظيم داعش على الموصل وأعلن منها “الخلافة” وجعل منها أبرز مدنه في العراق، وقد استعادها الجيش العراقي بعد معارك عنيفة في العام 2017، وخلال زيارة إلى الكنيسة بعد طرد الجهاديين من الموصل، نقل فريق وكالة فرانس برس مشاهداته لما خلفه التنظيم في الكنيسة بعدما حولها إلى مقر لشرطته، التي كانت مسؤولة عن تنفيذ قواعد التنظيم المتطرفة. وكتب في حينه على لوحة كبيرة علت بوابة الكنيسة “ممنوع الدخول بأمر من الحسبة”، ولم ينج فيها صليب ولا تمثال للسيد المسيح او مريم العذراء، بل أن كل إشارة إلى الديانة المسيحية أزيلت بشكل ممنهج.
لكن كنيسة سيدة المعونة عادت اليوم إلى سابق عهدها، وقد وضعت في ساحتها المجددّة صورًا تظهر مخلفات الجهاديين فيها وأخرى تبين مسار إعادة إعمارها وتحسينها. وشكّلت الموصل ومنطقة سهل نينوى تاريخيًا مركزًا مهمًا للمسيحيين، وهي تكافح حتى اليوم لاستعادة حياتها الطبيعية بعد دحر جهاديي تنظيم داعش. وقام البابا فرنسيس بزيارة تاريخية لمدينة الموصل في 2021، إلا أن الكثير من المسيحيين لم يعودوا إلى المنطقة حتى الآن، خصوصاً في ظل جهود إعمار بطيئة. ولم يبقَ في العراق اليوم سوى 400 ألف مسيحي بين سكانه البالغ عددهم 43 مليوناً بعدما كان عددهم 1.5 مليون عام 2003 قبل الغزو الأميركي.
وعلى هامش ترأسه القداس لمناسبة إعادة افتتاح كنيسة سيدة المعونة، قال بطريرك الكلدان الكاردينال لويس روفائيل ساكو “نحن فخورون بعودة الكنيسة كدار عبادة ومركز روحي وتربوي”. وأضاف “هذا بلدنا وهذه أرضنا، وحتى لو كان عددنا قليل نحن باقون”.
(أبونا)