الكاردينال تسوبي: المعاناة التي تسببها الحروب تدوم إلى الأبد
بمناسبة مرور ألف يوم على بداية الحرب في أوكرانيا ترأس الكاردينال زوبي القداس في بازيليك القديسة مريم في تراستيفيريه بروما، وذلك بمبادرة نظمتها سفارة أوكرانيا لدى الكرسي الرسولي، وفي عظته أثناء القداس قال رئيس مجلس أساقفة إيطاليا ورئيس أساقفة بولونيا الكاردينال ماتيو تسوبي: إن المؤمنين يسألون الله بإصرار أن تنتهي الحرب في أوكرانيا، وأن تنعم البلاد بسلام عادل ودائم، مع العلم أن البابا فرنسيس أسند إلى نيافته مهمة البحث عن دروب ممكنة للسلام، وتسهيل عودة الأطفال الأوكرانيين من روسيا وتبادل الأسرى ورفات الضحايا بين الجانبين الروسي والأوكراني، وتمحورت عظة الكاردينال تسوبي حول قضيتَي السلام والعدالة وقال: إن هذين المفهومَين متصلان ببعضهما البعض، لا بل يشكلان كياناً واحدًا، إنهما كشقيقين يتعاونان مع بعضهما ويحميان بعضهما. وذكر بأن فترة ألف يوم مضت على اندلاع الحرب في أوكرانيا في 24 من فبراير، مشيرًا إلى أن هذه الفترة الزمنية كانت عاصفة لكنها شهدت أيضًا تضامناً أخوياً استثنائياً، استمر في النمو ولم يتعب أبداً، بل على العكس، ازداد عزماً وإصراراً. ولفت نيافته إلى أن تاريخ الشعب الأوكراني، خلال العقود الماضية، تميّز بالآلام الكبيرة والتي واجهها الأوكرانيون بصمود استثنائي.
الكاردينال تسوبي، الذي زار العام الماضي كلاً من كييف وموسكو موفداً خاصاً من قبل البابا فرنسيس، أكد أن الحروب تطول دائماً ولا تنتهي خلال فترة قصيرة، والآلام والمعاناة التي تسببها تدوم إلى الأبد، بيد أن الليل يطلب النهار، والألم يطلب التعزية، والثأر يطلب المغفرة والظلام النور والحقد المصالحة، وأضاف أن عتمة الليل الحالكة تدعونا إلى الإيمان بالنور، خصوصا عندما يبدو كل شيء من حولنا مظلما، مذكراً بكلمات البابا الراحل بندكتس السادس عشر الذي كان يقول إن نور الفجر يسطع دائماً وسط عتمة الليل الحالكة.
وتحدث سفير أوكرانيا لدى الكرسي الرسولي أندري يوراش مسلطًا الضوء على التضحيات الكبيرة التي قدمها الأوكرانيون خلال ألف يوم، لافتا إلى أن تلك المعاناة نجمت عن أكبر مأساة تشهدها أوروبا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وذكّر بأن بلاده تحتفل في 21 من نوفمبر من كل عام بيوم الكرامة والحرية لتتذكر حدثين هامين في تاريخها الحديث: الثورة البرتقالية عام 2004 وثورة الكرامة عام 2013.
وأضاف أنه في 25 من نوفمبر يُحيي الأوكرانيون أيضا ذكرى الـ”هولودومور”، أي المجاعة التي سببها نظام ستالين بين عامي 1932 و1933، وأسفرت عن موت أكثر من 6 ملايين أوكراني، ووجه السفير الشكر إلى الكرسي الرسولي وإلى البابا فرنسيس على الدعم المقدّم لأوكرانيا وقال: إنه لا يوجد أي زعيم عالمي، أو مرجع روحي يتحدث عن أوكرانيا أكثر مما فعل البابا فرنسيس خلال الأيام الألف الماضية وما يزال مستمراً في ذلك.
من جانبها تحدثت السيدةُ الأولى أولينا زيلينسكا قائلة: إنه من الصعب أن نتصور أن أكثر من ألف يوم مضت على بداية الحرب في أوكرانيا، واصفة إياها بأكبر حرب تشهدها القارة خلال القرن الـ21، وهي عبارة عن غزو روسي لأوكرانيا، على نطاق واسع، وأن ما يجري اليوم هو عبارة عن مواجهة البشرية للعنف، والعدالة للتسلط.
ولفتت إلى أنها ممتنة جداً لكل ما يقوم به البابا دعماً للشعب الأوكراني، مذكرة بالنداء الذي أطلقه فرنسيس، وقالت: “من المعزي أن نسمع كلماتٍ تعبر عن الدعم الروحي، ما يشعرنا بأننا أكثر قوة”.
وأضافت: أن أوكرانيا ممتنة لكل الزيارات التي قام بها ممثلو الكرسي الرسولي إلى أراضيها، الذين –وعلى الرغم من المخاطر– يأتون إلى أوكرانيا كي يشاهدوا الحقائق بأم العين ويساهموا في انتصار الخير والإنسانية. وختمت سيدة أوكرانيا الأولى كلمتها مؤكدة أن بلادها تريد سلاماً عادلاً ودائماً، ترتكز مبادئه إلى مبادئ القانون الدولي وشرعة الأمم المتحدة.
(راديو الفاتيكان)