البابا: زيارة كندا تصالح من نوع خاص مع الشعوب الأصلية

مع الإقلاع من مطار روما فيوميتشينو بعد الساعة التاسعة صباحًا بقليل، بدأت الزيارة الرسولية السابعة والثلاثين للبابا فرنسيس، الحبر الأعظم الثاني الذي يزور كندا بعد القديس يوحنا بولس الثاني الذي زارها آخر مرة في عام ٢٠٠٢، بمناسبة اليوم العالمي السابع عشر للشباب الذي عُقد في تورنتو.

وقد غادر البابا عند الساعة الثامنة صباحًا من بيت القديسة مرتا بالفاتيكان ليصل إلى المطار حيث كانت تنتظره طائرة الـ Airbus A330 التابعة لشركة طيران Ita Airways وعلى متنها حوالي ثمانين صحفيًا.

وقد ترأّس رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو الوفد الذي استقبل البابا فرنسيس في مطار إدمونتون الدولي، بعد أن نزل من الباب الجانبي، اقتيد البابا إلى مكان حيث تلقى أول تحية من الرئيس الكندي وبعض ممثلي الشعوب الأصلية.

ثم تم إيصال البابا إلى أحد المباني لحضور حفل استقبال، مع استكمال إبداعات موسيقية من قبل الكنديين الأصليين. ثم أتيحت الفرصة للأب الأقدس ليحيي مطولاً ممثلين آخرين للشعوب الأصلية، بالإضافة إلى بعض السلطات. لم يكن هناك خطابات، فقط لفتات واستماع وتقارب، بعد هذه اللحظة، عقد البابا وجاستين ترودو اجتماعًا خاصًا في مبنى المطار نفسه.

وقال البابا في كلمته قبل تلاوة صلاة التبشير الملائكي يوم الأحد الماضي إذ قال إنّه يزور البلاد باسم يسوع ويود أن يعانق بنوع خاص السكان الأصليين، وأضاف أن العديد من المسيحيين في كندا، بينهم من ينتمون إلى مؤسسات رهبانية ساهموا في سياسات الاحتواء الثقافي، التي ألحقت في الماضي أضرارا كبيرة بالسكان الأصليين. وذكّر بأنه استقبل في الفاتيكان ممثلين عن السكان الأصليين وعبر لهم عن ألمه وتضامنه حيال الشرور التي تعرضوا لها، وأكد أنه ينوي اليوم القيام برحلة حج مطبوعة بالتوبة، آملا أن تساهم في مسيرة الشفاء والمصالحة. وشكر الجميع على الجهود التي تُبذل من أجل الإعداد للزيارة وعلى الضيافة التي سيخصه بها الكنديون. وطلب من المؤمنين أن يرافقوه بواسطة الصلاة.

وأكد البابا فرنسيس في شهر أبريل أنه يريد أن يسافر إلى كندا خلال لقائه بعض ممثلي الشعوب الأصلية، وأعرب عن “الألم والخزي” للانتهاكات التي تعرّضت لها الشعوب الأصليّة وغياب الاحترام إزاء هويتهم وثقافتهم وقيمهم الروحية، أعمال كان مسؤول عنها أيضًا العديد من الكاثوليك الذين تكيفوا مع العقلية الاستعمارية والسياسات الحكومية للاستيعاب الثقافي للقرون الماضية.

وفي إشارة إلى الإكرام الخاص الذي تحمله الشعوب الأصلية للقديسة حنّة، أعرب البابا عن رغبته في الاحتفال بعيدها الليتورجي في الأراضي الكندية كما سيفعل في السادس والعشرين من تموز يوليو المقبل. ثم جاء الإعلان الرسمي عن هذه الزيارة في شهر أيار مايو، بينما تم الإعلان عن البرنامج في الثالث والعشرين من حزيران يونيو. ويمثِّل هذا الحج شعار يقدّم رموز الجماعات والأراضي الكندية، مع الكتابة “السير معًا” ويشير إلى المسار الذي سلكته الجماعات الأصلية على درب المصالحة والشفاء.

وقد وصل البابا فرنسيس مع الكاردينال مارك أوليه، عميد دائرة الأساقفة، والكاردينال مايكل تشيرني، عميد دائرة خدمة التنمية البشرية المتكاملة، إلى إدمونتون بعد ١٠ ساعات و٢٠ دقيقة من الطيران، عند الساعة ١١:٢٠ بتوقيت كند، ولم يكن لدى الحبر الأعظم أي التزامات بعد حفل الاستقبال الرسمي في المطار.

وعقب ذلك توجه البابا للراحة في إكليريكيّة القديس يوسف، وبالنظر إلى مشاكله في ساقه اليمنى التي أجبرته على التخلي عن الزيارة الرسوليّة إلى الكونغو وجنوب السودان التي كانت ستعقد من الثاني وحتى السابع من يوليو، فقد اتنقل الحبر الأعظم بين أماكن بعيدة عن بعضها البعض، لزيارة الجماعات الأصلية حيث تعيش وكانت المحطة الأولى يوم الاثنين هي Maskwacis، حيث التقى عند الساعة ١٠ صباحًا مع الشعوب الأصلية First Nations وMétis وInuit.

في فترة ما بعد الظهر، آتى دور مجموعة أخرى في كنيسة القلب الأقدس، حيث بارك تمثالًا للقديسة كاتري تيكاكويثا، أول مواطنة من أمريكا الشمالية اعترفت الكنيسة الكاثوليكية بقداستها.

وفي يوم الثلاثاء، عيد القديسين يواكيم وحنة، جديّ يسوع، احتفل البابا فرنسيس بالقداس الإلهي في ملعب الكومنولث في إدمونتون، بعد الغداء، عند الساعة الرابعة من بعد الظهر، شارك البابا فرنسيس في الحج التقليدي إلى بحيرة Ste. Anne، حيث اجتمع الآلاف من المتعبدين للقديسة حنّة منذ قرون في أسبوع السادس والعشرين منز يوليو لكي يصلّوا وينالوا الشفاء في الجسد والروح من خلال النزول في مياه البحيرة. هنا سيشارك المؤمنون مع الحبر الأعظم في ليتورجيا الكلمة.

وانتقل البابا مرتين بالطائرة خلال زيارته لكندا من إدمونتون إلى كيبيك، حيث بعد ما يزيد قليلاً عن أربع ساعات من الطيران، والتقى بالحاكم العام لكندا ماري ماي سيمون، ورئيس الوزراء جاستن ترودو، والسلطات المدنية، وممثلي الشعوب الأصلية والسلك الدبلوماسي.

وانهى يوم البابا في دار الأسقفيّة في شارع Port-Dauphin، حيث احتفل البابا فرنسيس بالقداس الإلهي في بازيليك Sainte-Anne-de-Beaupré ، وفي كاتدرائية Notre-Dame، ترأس صلاة الغروب مع الأساقفة والكهنة والشمامسة، المكرّسين والإكليريكيّين والعمال الرعويّين.

 قبل مغادرته مرة أخرى بالطائرة، لكي يذهب إلى إيكالويت، سيلتقي الحبر الأعظم في دار الأسقفية مع بعض أعضاء الرهبنة اليسوعيّة، ومع وفد من السكان الأصليين الحاضرين في كيبيك، وبعض تلاميذ المدارس الداخلية السابقة، والتي عُهد بها إلى الكنائس المسيحية، بما في ذلك الكنيسة الكاثوليكية، والتي كانت مخصصة لأطفال جماعات السكان الأصليين، الذين غالبًا ما كان يتم أخذهم بالقوة من منازلهم، لتعلم الثقافة الغربية.

أخيرًا، التقي البابا فرنسيس عند الساعة ٥:٠٠ من بعد الظهر الشباب والمسنين في ساحة مدرسة إيكالويت قبل مغادرته إلى إيطاليا عند الساعة ٦:٤٥ مساءً. على أن يصل البابا إلى روما صباح السبت المصادف الثلاثين من يوليو ليعود بعدها إلى الفاتيكان.

(المصدر راديو الفاتيكان)

Exit mobile version