تحدث رئيس أساقفة لوكسمبورج الكاردينال جان كلود هولريش حول موضوع سباق التسلح الذي تقوم به اليوم العديد من الدول حول العالم، معرباً عن قلقه حيال هذه الظاهرة، وأشار إلى أن العالم يمكنه أن ينعم مجدداً بالسلام ضمن إطار تعددية الأطراف. وقضى مشروع التسلح الأوروبي الجديد بإنفاق مبلغ 800 مليار يورو على التسلح، وقال هولريش: إن هذا التوجه يبعث على القلق الكبير ليس في أوروبا وحسب بل في جميع أنحاء العالم، وقبل الحديث عن أي اعتبارات سياسية لا بد أن نفكر بالبعد الخلقي الذي يعني الحكام في بلدان عدة، مذكراً بأن مسألة الحرب كانت في السابق تُعتبر من المحرمات وهذا الأمر كان يؤثر على التوجهات السياسية بعد مأساة الحرب العالمية الثانية، ويبدو لنا اليوم أن النظرة إلى الحرب أخذت اتجاهاً آخر، وبدون استعادة القيم الخلقية يواجه العالم خطر الانزلاق إلى وضع خطير للغاية.
وأشار نيافته إلى أن عالمنا اليوم يشهد تبدلات بدءاً من الميل إلى الابتعاد عن مبدأ تعددية الأطراف، في وقت تفرض فيه نفوذها قوى عظمى، التي تسعى وراء مصالحها الاقتصادية والجيوسياسية الخاصة على حساب مصالح الآخرين، واعتبر في هذا السياق أن العالم يمكنه أن ينعم مجددًا بالسلام فقط من خلال العودة إلى مفهوم تعددية الأطراف، وهو أمر يشدد عليه البابا فرنسيس بقوة، وهو أيضًا ركيزة هامة يستند إليها النشاط السياسي والدبلوماسي للكرسي الرسولي.
وبشأن ما إذا كانت أوروبا اليوم تواجه مخاطر إستراتيجية ما يدفعها إلى تمويل خطة إعادة التسلح؛ قال رئيس أساقفة لوكسمبورج: إن بعض الدول المنتمية إلى الاتحاد الأوروبي أو تلك المرشحة للانضمام إليه تشعر بالخطر الداهم، وهي قلقة على مصيرها، وأضاف: أنه يفكر مثلاً ببلدان البلطيق المتاخمة لروسيا، أو في مولدافيا حيث هناك خلاف قائم بشأن ترانسنيستريا، كما أن السياسة الأمريكية الساعية إلى الابتعاد عن هذه الدول تثير المخاوف، واعتبر أن تعزيز القدرات العسكرية للاتحاد الأوروبي ينبغي أن يحمل طابعاً دفاعياً وحسب، وهذا يجب أن يتجلى من خلال أنواع الأسلحة التي سيتم التزوّد بها. وذكّر في هذا السياق بأن أوروبا كمؤسسة أبصرت النور من تحت رماد المأساة التي خلفتها الحرب العالمية الثانية، لذا فإن دعوة السلام كانت ولا بد أن تبقى ركيزتها، لا بل إن السلام هو سبب وجود الاتحاد الأوروبي الذي وُلد كي لا تعود الحرب مجدداً إلى القارة القديمة.
تابع رئيس الأساقفة مشيرًا إلى ضرورة أن تستعيد أوروبا اليوم موضوعيتها السياسية، والتي فقدتها شيئاً ما خلال الفترة الماضية، لأنه بهذه الطريقة لا تقدم خدمة لنفسها وحسب إنما أيضا للعالم كله، من خلال تطبيق مبدأ تعددية الأطراف. وقال إن أوروبا تفعل حسناً في بلوغ الاكتفاء الذاتي على صعيد الإنتاج العسكري، إذ إن صناعتها اليوم تعتمد بشكل كبير على الولايات المتحدة، وهذا ما يزيد من هشاشتها.
وبشأن الانتقادات الموجهة إلى مشروع التسلّح الذي أعلنت عنه مؤخراً المفوضية الأوروبية رغم الحاجة لدعم قطاعات الصحة والتعليم والرعاية الاجتماعية، شدد رئيس الأساقفة على التذكير بنداءات البابا الداعية إلى تخصيص هذه الأموال من أجل تمويل مشاريع تنموية، مضيفًا أنه موضوع سيطرحه على سفير الاتحاد الأوروبي لدى الكرسي الرسولي الذي سيلتقيه في الأيام القادمة.
(راديو الفاتيكان)