رئيس أساقفة حمص: فجوة كبيرة بين الخطاب الرسمي والواقع السوري
قال المطران يعقوب مراد رئيس أساقفة حمص للسريان الكاثوليك: إنه منذ 2023 تعد حمص ثالث أكبر مدينة سوريا بعد دمشق وحلب، وحول مصير العلويين المعتقلين الآن في سوريا الجديدة ما بعد الأسد، كشف يعقوب؛ هناك اعتقالات تعسفية ومحاكمات سريعة من دون الحق في الدفاع، وأحيانًا حتى إعدامات ضمن سياق “تصفية حسابات متسرّعة” من دون محاكمات.
جاءت تصريحات المطران السوري، أثناء تواجده مدينة كولونيا، حيث يجتمع مجلس الأساقفة الكاثوليك الألمان في دير شتاينفيلد، الذي يتناول موضوعات من بينها “وضع المسيحيين في الشرق الأوسط”. والتطورات المأساوية خلال الأيام الماضية مع المجازر المرتكبة بحق العلويين في شمال غرب سوريا، تلقي بظلالها الآن على هذا المؤتمر. وأكد المطران يعقوب: “توجد للأسف فجوة كبيرة بين الخطاب الرسمي الصادر عن الحكام الحاليين وبين الواقع على الأرض”.
الحكومة تتحمّل المسؤولية
وحول المجازر بحق العلويين؛ يرى المطران مراد مؤشرات تشير إلى ارتكاب إبادة جماعية، و”جريمة فظيعة”. قائلًا: إنّ الحكومة الانتقالية برئاسة أحمد الشرع تتحمّل المسؤولية عن هذه المجازر، علاوة على الشكوى من انتشار الأسلحة في سوريا، والتي جاء بعضها من الخارج. حيث أشار رئيس الأساقف صراحةً إلى دور تركيا التي تتحمل جزءًا من المسؤولية، كما طالب بحظر كافة المظاهر المسلحة في البلاد.
ويقول رئيس الأساقفة السريان بحمص؛ عانت سوريا من حرب أهلية استمرت 12 عامًا منذ ما يُعرف بـ”الربيع العربي” في عام 2013، ونتيجة ذلك فقد هرب ملايين السوريين إلى الخارج، وكثيرون منهم عانوا من الإرهاب في وطنهم، وحول فظائع الإسلاميين، لا يتحدث رئيس الأساقفة يعقوب مراد فقط عما سمعه من شهود، بل هو نفسه كان شاهد عيان ونجى من الإرهاب، ولكنه ما يزال يخشى على أصدقاء اختفوا في عام 2015 ولم يظهروا بعد.
ويوضح الأسقف؛ أنّه تعرّض للاختطاف والسجن في مدينة الرقة عندما سيطر تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش) على منطقته في عام 2015، وتمكن بعد نحو 5 أشهر من الفرار على دراجة نارية “بمساعدة صديق مسلم”. وبفضل تضامن مجموعة من المسلمين من بلدة القريتين، يقول المطران يعقوب: “استطعنا تحرير جميع المسيحيين”، الذين احتجزهم تنظيم داعش. وحول ذلك يقول إنّ “شهادة الأخوة والتضامن هذه أثرت تأثيرًا قويًا في نفسي”.
دعم الأمم المتحدة
يتضح من خلال وصف المطران يعقوب مراد مدى تنوّع الأديان والأعراق الذي شكل سوريا حتى الآن وأثراها ثقافيًا، وقد تحدث مرارًا وتكرارًا خلال تصريحاته ضد الإسلاموفوبيا. ولكنه من ناحية أخرى يحذر من هيمنة الإسلام السني وحده. ويقول أيضًا فيما يتعلق بالمجازر بحق العلويين إنَّها “لم تكن غير متوقعة”. ويضيف بخوف شديد: “ربما يحدث أكثر من ذلك في المستقبل”. ويؤكد مراد عدة مرات: “نحن بحاجة إلى دعم الأمم المتحدة”.
ويشاركه هذه المخاوف الأساقفة الكاثوليك نظرًا إلى التصعيد الأخير. وبحسب تعبيرهم فإنّ تطور سياسة الرئيس الشرع مثير جدًا للقلق. وحول ذلك قال رئيس أساقفة مدينة بادربورن الألمانية أودو ماركوس بينتس، الذي يسافر بانتظام إلى المنطقة بتكليف من مؤتمر الأساقفة: “نحن نشاهد مصدومين ما يحدث الآن”.
وتصريحات الشرع حول احترام جميع الأقليات “كانت كلامًا فارغًا، على الأقل تجاه الأقلية العلوية”، كما يقول “بينتس”، ويضيف إنّ الصور والأخبار حول المجازر في محافظة اللاذقية تجعله عاجزًا عن الكلام. ويحذر من أنَّ ذلك يحتاج إلى “رد سياسي دولي”.
الأمل في “سوريا جديدة”
مع أنَّ المطران يعقوب مراد جاء إلى الأساقفة الألمان ولديه رؤية، فهو يطالب بإجراء إصلاح دستوري سريع في سوريا وانتخابات رئاسية حرة تحت إشراف الأمم المتحدة. ويأمل في أن يعود الكثيرون ممن غادروا سوريا. ويقول: إنّ هذا ينطبق أيضًا على الأطباء السوريين العاملين في ألمانيا. ولكن لا يمكن إجبار أحد قد يضطر حينها إلى العيش في الخيام.
ومع ذلك فهو لا يهتم فقط أو في المقام الأول بالقضايا المادية. كما يراهن على الحوار في عين المكان والتعايش بين شباب الديانات المختلفة: “المسلمين السنة والعلويين والمسيحيين”.
(راديو الفاتيكان)