أفقر بلدان العالم ولا يحظى بأي دعم.. أسقف جنوب السودان يُندد بتخلي الجماعة الدولية عن البلد الأفريقي

في إطار المصادمات المسلحة المستعرة في جنوب السودان بين الميليشيات والقوات النظامية، قال أسقف أبرشية بينتيو المطران كريستان كارلاساري: إنه يسعى من أجل السلام ويعمل في سبيل الحوار مندداً بتخلي الجماعة الدولية عن هذا البلد الأفريقي، كما لفت إلى أن الكنائس المحلية متحدة في الصلاة على نية البابا فرنسيس كي يمنحه الله الشفاء العاجل ودوام الصحة والعافية.

وتهدد الاشتباكات المسلحة في جنوب السودان بجر البلاد إلى حرب أهلية لا تعرف وقفة تدور بين قوات الدفاع الشعبية، الموالية للرئيس سالفا كيير والميليشيا المعروفة بالجيش الأبيض، التابعة لحركة تحرير الشعب السوداني بزعامة نائب الرئيس الأول ماشار، علمًا أن جمهورية جنوب السودان التي أبصرت النور في 2011، عاشت أهوال الحرب الأهلية بين عامي 2013 و2018، كما أن الانتخابات الرئاسية التي كان من المزمع أن تجري في ديسمبر الماضي أُرجأت لنهاية عام 2026، فضلًا عن خطر أن تُعلق اتفاقية السلام الموقعة في العام 2018.

ولفت المطران كريستان كارلاساري إلى أن جنوب السودان يبقى من أفقر بلدان العالم لأنه منسي ومتروك من قبل الجماعة الدولية، ولا يحظى بأي دعم على الصعيد الدولي، فضلًا عن كونه ضحية ديناميكيات استغلال الموارد الطبيعية، لاسيما النفط. وما يزيد الطين بلّة أن المؤسسات ما تزال فقيرة وعاجزة عن خدمة المواطنين وفرض دولة القانون.

وبشأن الأوضاع الحياتية في البلاد قال سيادته: إن السكان يعيشون حالة من الاستسلام للواقع، خصوصًا وأنهم لم يعرفوا أبداً مؤسساتٍ قادرة على ضمان الحوار الاجتماعي، وحل المشاكل والخلافات بدون اللجوء إلى العنف، ولم يختبروا أبداً الاستقرار الاقتصادي كي تنعم البلاد بالازدهار، وهناك أيضًا أشخاص يحققون المكاسب المالية لأنهم يعرفون كيف يغتنمون الفرص ويفعلون ذلك بطرق يشوبها الشك أحياناً كثيرة، كما أن قسمًا كبيرًا من المواطنين يعتمدون على المساعدات الإنسانية الدولية، والتي غالباً لا تصل إليهم.

وحول الانتخابات الرئاسية التي تم إرجاؤها مؤخراً قال المطران كارلاساري: إن التوجه إلى صناديق الاقتراع يشكل جزءاً هاماً من العملية الديمقراطية، وتلك الانتخابات لحظتها أيضا اتفاقية السلام الموقعة في 2018 بالإضافة إلى نقاط أخرى تم الاتفاق عليها، من بينها توحيد الجيش الوطني وحل الميليشيات الموالية لأسياد الحرب. وأوضح في هذا السياق أنه ما تزال توجد في جنوب السودان مجموعات مسلحة عدة خارجة عن سيطرة رئاسة الأركان، وهي ذات صبغة قبلية، وهنا تكمن المشكلة، خصوصًا وأن السياسة متواطئة مع تلك الميليشيات، لأنها تستغلها لمصالحها الخاصة. وذكّر بأنه عندما يتم استغلال العنف سرعان ما يخرج الوضع عن السيطرة.

واعتبر سيادته أن المصادمات المسلحة الجارية حالياً هي نتيجة قصر نظر القادة العسكريين، وعجزهم عن الجلوس إلى طاولة المفاوضات لاتخاذ القرارات الصائبة، ومن هذا المنطلق يُترجم سوء التفاهم في العاصمة إلى قتال في مناطق عدة من البلاد، نظراً أيضا لعدم فهم المشاكل التي يواجهها السكان في باقي المناطق.

وبشأن الأسباب التي أدت إلى إرجاء الانتخابات الرئاسية حتى 2026 قال الأسقف الإيطالي: لا بد أن نتساءل اليوم ما إذا كانت توجد الرغبة في تنظيم الانتخابات أم أن مختلف القوى تريد الحفاظ على الوضع القائم وعلى التوازنات الراهنة، مع أنها تبقى هشة جدا. وهنا لا بد أن نتساءل كيف يمكن أن تستمر البلاد في وضع مطبوع بالأزمة الاقتصادية، ولماذا لا يتم البحث عن مسؤولين سياسيين، من أصحاب الكفاءات، قادرين على حل المشاكل الراهنة على الصعيد الأمني، التنموي والصحي والتربوي.

وتطرق المطران كارلاساري إلى زيارة البابا فرنسيس إلى جنوب السودان في 2023، لافتًا إلى أن ذكرى زيارته إلى جوبا ما تزال حية في أذهان المواطنين، ومما لا شك فيه أنها أعطت دفعاً قوياً للكنيسة المحلية وللسلطات على حد سواء، في بلد يحتاج إلى الكرازة بالإنجيل وإلى عملية من الحوار والمصالحة. وأشار سيادته إلى أن السلام يتحقق فقط عندما يتصالح السكان مع ماضيهم ويعترفون بعدم وجود سبيل آخر سوى التعايش الأخوي بين جميع المكونات العرقية.

(راديو الفاتيكان)

Exit mobile version