أين قانون الأحوال الشخصية؟ .. الأب رفيق جريش
أخبار مفرحة تلك التي أعلنت عن تدخل السيد الرئيس لإنجاز قانون جديد للأحوال الشخصية. فنسبة الطلاق، خاصة بين المتزوجين حديثاً، أصبحت نسبة مقلقة للدولة والمجتمع وتقدر بـ 40% من المتزوجين، وهذا رقم مخيف، ناهيك عن المشاكل القانونية، وهذا ليس فقط بالنسبة للأسر المسلمة، ولكن لنكون صُرَحاء، في الأسر المسيحية أيضاً، إذ أن البيئة المجتمعية واحدة والمشاكل والضغوطات واحدة، وقانون الأحوال الشخصية المدني للأسر المسيحية لم يُنجز إلى الآن، رغم مرور سنين كثيرة في تحضيره، وذلك لأنه يصطدم بالاختلافات بين الطوائف من جهة، وأيضاً بالشريعة الإسلامية من جهة أخرى .
نرجو من الحكومة سرعة إصدار هذان القانونين لكي تتوقف المهازل والمآسي التي تعيشها الأسرة المصرية، كما أوجه النداء إلى المؤسسة الدينية في مصر بأن تتذكر وتذكّر الجميع بأن الله سبحانه وتعالى قد أراد أن تكون الأسرة هادئة متماسكة قوية، قائمة على المحبة والمودة والاحترام المتبادل والحفاظ على الحقوق، فنحن خلقنا جميعًا من نفس واحدة، ولا أفضلية لأحد على الآخر، كما أن الإسلام السمح أرسى مبدأً مهمًا وهو الإمساك بالمعروف أو التسريح بالإحسان.. فليكن كذلك.
في فبراير 2021، أحيل لمجلس الوزراء مقترح متكامل لقانون الأحوال الشخصية، ووعد الرئيس السيسي بأن يكون القانون الجديد متوازنًا ويحمى الأسرة المصرية، مع العلم أن نسبة الطلاق في مصر الآن أصبحت تزيد على 40%، كما أن المرأة المطلقة مطلوب منها هي إثبات دخل مطلقها لتحديد النفقة، بالإضافة إلى ترك الولاية التعليمية إلى الأب أو أقاربه الذكور وغيرها من المشكلات التي أحالت حياة المطلقة إلى جحيم مع الضرر البالغ الواقع عليها وعلى الأبناء.
ليس خفياً أن إحدى الشروط لإنجاح القانون هو بعض المرونة من الهيئات الدينية دون الخلل بالمعتقدات، للتيسير على الأسر المكلومة، خاصة الأطفال الذين يدفعون الثمن غالياً جداً نفسياً ودراسياً ويعيشون حالة من التشتت.
وقد أعلنت د. مايا مرسى، رئيسة المجلس القومي للمرأة، أن المجلس قد انتهى مؤخرا من إعداد مجموعة من المحددات والمتطلبات التي يحرص على تضمينها وتحقيقها من أجل خروج قانون جديد للأحوال الشخصية، يتسم بالعدالة والاتزان والموضوعية، ما يؤدى إلى استقرار الأسرة المصرية وحماية الوطن والأجيال القادمة.
ومن بين هذه المتطلبات الأولوية لمراعاة المصلحة الفضلى للطفل فيما يتخذ حياله من إجراءات قانونية أو إدارية، والتأكيد على الأهلية القانونية للمرأة، مع حماية الحقوق والحريات المقررة دستوريًا لها وضمان حصولها عليها، وتوثيق الزواج والطلاق قانونيًا، لحسم المشاكل والحقوق المترتبة عليه للزوجين ومعالجة الإشكاليات والجوانب الإجرائية في قضايا الأسرة.
وكذلك التأكيد على الذمة المالية للزوجين، مع المطالبة بأن تكون السن القانونية للزواج للرجل والمرأة هو 18 عامًا وإن كنت أرى أن السن مازال صغيراً، وإلغاء أحكام الطاعة، والحفاظ على مادة الخلع بنصها الحالي في القانون، واشتراط الزوجة للرجل عدم الزواج بأخرى في عقد الزواج الذي يعتبر قرينة على وقوع الضرر، ما لم تكن تعلم به، ورضيت بإقرارها أو بانقضاء أجل محدد، وتقضى لها المحكمة بالتطليق طلقة بائنة.
لذا من المهم أعداد المتزوجين حديثاً للحياة الزوجية، وقد سبق وطالبنا بضرورة أن يشترك المخطوبين في دورة لتحضير الأزواج ليعرف المقبلون على الزواج كل شيء عن الزواج دينياً وقانونياً وجنسياً واجتماعيًا. وقد بدأت الكنيسة الكاثوليكية هذه الدورات منذ 1997 وكذلك الآن الكنائس الإنجيلية والأرثوذكسية، وقد أتت بثمار جيدة قللت بكثير حالات طلب الانفصال والتدرب على حسن العلاقات وإدارة الخلافات وغيرها من المواضيع الهامة في العلاقات الزوجية.