نثمن خطاب السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي في بداية هذا الأسبوع الذي شرح فيه، بكل صراحة ووضوح، التطورات الأخيرة التي تجري على الساحة العربية والعالمية فيما يخص غزة والقضية الفلسطينية. فقد جاء الخطاب في وقته بعد أن حاول بعض الأشرار بث خطاب الكراهية لزعزعة التماسك الداخلي رغم صعوبة حياة المصريين.
فقد أكدت مصر على لسان الرئيس عبد الفتاح السيسي، بكل وضوح، إن الظروف في غزة أصبحت مأساوية، والأمر أصبح لا يطاق، ولابد من إدخال أكبر حجم من المساعدات للتخفيف عن الأشقاء الفلسطينيين. وهذا ما فعلته مصر بإدخال كم من المساعدات للأشقاء في غزة. وشددت أيضا على أن المزايدة على دور مصر تجاه القضية الفلسطينية مرفوض، ومعروف من يقف وراءها: فكل مراقب ومتابع أمين وموضوعي، يدرك تماما بأن الدور المصري في القضية الفلسطينية، شريف ومخلص ومحترم وأمين، ولا يتغير، بدليل أن مصر كانت أكثر الأطراف جدية وحرصاً خلال الـ21 شهراً الماضية على وقف الحرب وإدخال أكبر حجم من المساعدات، بمساعدة الأشقاء في قطر والولايات المتحدة.
والنداء الذي وجهه السيد الرئيس إلى جميع دول العالم، وبخاصة دول الاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة، والأشقاء في المنطقة العربية، وجد صدى فوري في تضافر الجهود وتسارعها من أجل وقف الحرب التي يتعرض لها الفلسطينيون في قطاع غزة، وتهدد دول المنطقة بأكملها. هذا النداء يضع كل طرف أمام مسئوليته السياسية والأخلاقية والإنسانية، بعد أن ثبت بالدلائل أن الجريمة الإنسانية المروعة التي ترتكبها إسرائيل في غزة، منذ ما بعد السابع من أكتوبر 2023، هي عمل غير مسبوق في وحشيته وقسوته، ولا يمكن أن يستمر أو يمتد أكثر من ذلك. وبهذا القدر من البشاعة والدموية، مع تقاعس دولي مخجل، وصمت مريب، حيال الهمجية الإسرائيلية، التي ضربت بكل القوانين والقرارات والمواثيق الدولية والأعراف الإنسانية عرض الحائط.
أربعة محاور رئيسية ركز عليها النداء العالمي القوى الذي وجهه السيد الرئيس السيسى:
ما تقدمه مصر، ولا تزال، رسالة إنسانية سامية، محل تقدير الأشقاء في غزة، فوق أي مزايدة. ولا يمكن أن تأتى طعنات الأعداء والكارهين والمغرضين بأهدافها، لأن الموقف المصري واضح للجميع، ويقوم على الرفض القاطع لتصفية القضية الفلسطينية، والتهجير الطوعي أو القسري للأشقاء.
المحور الأول، إسكات السلاح وإنهاء الحرب، والثاني، إدخال أكبر قدر ممكن من المساعدات لإغاثة الفلسطينيين وإنقاذ أرواحهم، والثالث، تبادل الأسرى والرهائن بين الجانبين، الفلسطيني والإسرائيلي، أما المحور الرابع فهو تحقيق “حل الدولتين”، ورفض أي فكرة تجهض هذا الحل، وعلى رأسها مخططات التهجير، والتي كانت مصر أول من تصدى لها منذ بداية الأزمة.
وقد بدأت دول مثل فرنسا وبريطانيا وإسبانيا الاعتراف أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بدولة فلسطين حتى أن هذا الاعتراف يطفئ شرعية أقوى وأعمق للقضية.
وما قاله الرئيس في هذا السياق، كان ضروريا وفى توقيته تماما، لإجهاض الحملات الخبيثة والأعمال المخجلة خاصة في الخارج والتي يشنها “أهل الشر” بين الحين والآخر، لإظهار مصر وكأنها تقوم بدور سلبي تجاه الأشقاء في فلسطين، بالمخالفة للحقائق، وهوما يعيه الشعب المصري، وباقي شعوب المنطقة والعالم، بصورة كبيرة.
ولعل التصريحات التي أدلى بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بعد دقائق من كلمة الرئيس السيسي المتلفزة، تبث مزيدا من الأمل في إمكانية تهيئة أجواء إيجابية لإنهاء معاناة الفلسطينيين في غزة، وتحرك القوى الدولية المؤثرة في الاتجاه الصحيح. فقد أكد ترامب بوضوح أن هناك جوعا حقيقيا في قطاع غزة لا يمكن التشكيك فيه، وأن إسرائيل هي من تتحمل مسئولية كبيرة عن تدفق المساعدات.
ستظل مصر متمسكة بثوابتها الداعمة للقضية الفلسطينية، وهي معلومة للعالم كافة، ولا يمكن أبدا التنازل عنها بأي شكل، وستظل مصر فاعلة، واقفة على قدميها بكل عزم، وستبقى القاسم المشترك في كل قضايا المنطقة تلك رسالتها، وهذه ثوابتها التي تتطلب أعلى درجات الوعي من الشعب المصري، في هذه الفترة الحرجة من تاريخ الشرق الأوسط.