
الأخبار الواردة من هناك ليست مطمئنة، حتى أن كثيرين من السكان لا يستطيعون الخروج من منازلهم، كما أن هناك أخبار عن تجاوزات مع الأقليات، أخطرها مع المسيحيين، كما أن الوضع فيه لغط كثير ولم يعد أحد يعرف من مع من، ومن ضد من، ولكن من الأكيد أن الكل ضد سوريا الدولة والمؤسسات التي هي على شفى الانهيار والانقسام.
وعلى هذا الصعيد المتصل أعلنت الرئاسة السورية منذ عدة أيام أن الرئيس الانتقالي أحمد الشرع أصدر قراراً رئاسياً بتشكيل لجنة عليا للحفاظ على السلم الأهلي، تتركز مهام عملها على تعزيز الوحدة الوطنية في هذه المرحلة الحساسة وتقديم الدعم اللازم للأهالي في الساحل السوري والتواصل المباشر معهم. كما تعهد الرئيس الانتقالي بمحاسبة كل من تورط في سفك دماء المدنيين وإن كان هناك شك في تطبيق هذا التعهد. وقال الشرع في كلمة تم بثها على قناة الرئاسة السورية على تليجرام: “نؤكد أننا سنحاسب بكل حزم وبدون تهاون كل من تورط في سفك دماء المدنيين أو أساء إلى أهلنا، ومن تجاوز صلاحيات الدولة أو استغل السلطة لتحقيق مأربه الخاص”، وأضاف أنه لن يكون هناك أي شخص فوق القانون وكل من تلوثت يداه بدماء السوريين سيواجه العدالة عاجلا أو آجلا.
كما أبلغ المرصد السوري، ارتفاع حصيلة المواجهات في الساحل السوري إلى عدة آلاف من القتلى جرى تصفيتهم في مجازر طائفية وهم ليسوا منخرطين في القتال أو تابعين للنظام السابق، وكل هذا تحت أعين المجتمع الدولي والعربي الذي رحب على مضض بالنظام السوري الجديد الذي استبشر فيه بعض الخير، ولكن لا يخفى على أحد أن سوريا تواجه خلال الفترة الحالية اختباراً صعباً على خلفية المواجهات العسكرية المستمرة التي تشهدها مناطق الساحل السوري، لا سيما اللاذقية وطرطوس. إن ما يضاعف من خطورة هذا الاختبار أنه يأتي في وقت ما زالت سوريا تمر بمرحلة انتقالية هشة لم تتضح معالمها بشكل كبير، خاصة فيما يتعلق بالقضايا الرئيسية، مثل إشراك مختلف المكونات المجتمعية في العملية السياسية الجديدة التي يجري العمل على صياغتها في مرحلة ما بعد سقوط نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر 2024.
من هنا، تبدي قوى إقليمية عديدة اهتماماً خاصاً بما يجري على الساحة السورية نظرا للأهمية الاستراتيجية الفائقة التي تحظى بها سوريا، على المستويين الإقليمي والعربي، علاوة علي العواقب التي يمكن أن تنجم عن استمرار حالة عدم الاستقرار داخلها.
وفي هذا السياق، أكدت مصر دعمها لسوريا في مواجهة التحديات الأمنية ورفضها أي تحركات من شأنها أن تمس أمن ومصالح الشعب السوري. كما أبدت مصر اهتماماً خاصاً بدعم الدولة السورية والحفاظ على مؤسساتها، باعتبار أن ذلك يمثل المدخل الرئيسي لتحقيق الأمن والاستقرار ومنع الانفلات الأمني، الذي يوفر مناخا مواتياً لظهور التنظيمات الإرهابية مجدداً، والتي يمكن أن تتخذ سوريا نقطة انطلاق لتهديد أمن واستقرار دول الجوار.
الأب رفيق جريش