بعد ان مرت الأعياد بسلام.. كل عام والجميع بخير ومصر بخير، يتساءل العقلاء لماذا هذه الإجازات الطويلة وما هو المبرر؟ هل يعقل ونحن شعب يستدين قمحه وغذائه في ظل أزمة اقتصادية عالمية طاحنة ومع ذلك نحن في مصر نقوم بإجازة 20 يوماً في خلال سبعين يوماً تتعطل فيه المصالح الحكومية والبنوك والشركات وتتوقف الحياة وتتعطل مصالح المواطنين.. هل يعقل ذلك؟
وعلى سبيل المثال لا الحصر كان القطاع المصرفي في الماضي يعمل في ثالث يوم العيد فلا يجوز قطاع حيوي مثل ذلك يعلق العمل كل هذه المدة خاصة إنه يتعامل مع دول العالم الخارجي فتتوقف مصالح الناس ليس كل شيء هو ماكينة الصراف الألي ATMحتى يسحب المواطنين من مالها ولكن المواطنين يحتاجوا إلى معاملات تمس تجارتها ومصانعها وما إلى ذلك… هل يعقل ذلك؟
أن الإجازات التي يحصل عليها الموظف المصري تزيد عن أي دولة أخرى، وتقريباً ثلث العام عبارة عن إجازات لعطلات أسبوعية أو رسمية في مواسم وأعياد، وهو أمر مقلق، لكن اعتاده المصريون خاصة أنهم يرون الإجازات ميزة نسبية في حد ذاتها، حتى لو كانت تضيع في نوم اليقظة أو الجلوس أمام التلفزيون.
نحن شعب يستدين ليواصل الحياة ورئيس الدولة الذى هو ذاته يعمل حتى في الإجازة الأسبوعية ويشرف على المشروعات والطرق وما إلى ذلك ويكرر تقريباً في كل خطاباته ضرورة العمل وشد السواعد والعرق حتى نبني الجمهورية الجديدة والحكومة تعطي إجازات على “الطالع والنازل”….هل هذا معقول؟
ما رأي المؤسسات الدولية والمحلية الدائنة ومنظرنا أمام العالم فى جملة هذه الإجازات التي لا تنتهي بل أصبحت موضوع انتقاد العامة رغم حب المصريين للإجازات للالتقاء العائلي، إلا ان الدائن ما حب عليه أن يسلفنا وتتركب علينا الفوائد ثم تصرخ الحكومة وتعاير شعبها أنه كثير الإنجاب… هل هذا معقول؟؟؟
إعطاء الإجازة يوم الخميس بدلاً من الإجازات التي تقع فى وسط الأسبوع ليس قراراً مناسباً إلا للقلة القليلة الذين يذهبون إلى الشواطئ صيفاً والمشاتي شتاءً لابد من ايجاد طريقة أخرى أكثر مناسبة لواقعنا المصري واظن إنه حان الوقت لمراجعة قائمة الإجازات وإلغاء الإجازة لبعض الأعياد التي مع فعل الزمن أصبحت قديمة يمكن معايدتها بطريقة أخرى وليس إعطاء إجازة يتعطل فيها العمل والتي غالباً القائمين بإجازة لا يعرفون أو يتذكرون تاريخ وسبب هذه الإجازة…. هل هذا معقول؟
ونحن نعرف جيداً ان الدول المتقدمة، كيف تسعى جاهدة إلى تأسيس بنية صناعية ضخمة، لتحقق من خلالها الرفاهية الحقيقية لشعوبها من خلال رفع مستواها الاقتصادي والاجتماعي، وتطوير مهاراتهم وتعليمهم بصورة تكفل لهم حياة أفضل، ولا تجد طريقاً واضحاً لتحقيق هذه الرؤية إلا من خلال العمل والسعي الجاد له، بعدد ساعات منتظمة يومياً وجودة تضمن تنافسية قوية للمنتجات والصناعات التي تقدمها للعالم، وبهذه الطريقة تتقدم وتحافظ على مكانتها وقدرتها في الأسواق العالمية.
فلنأخذ دول مثل ألمانيا وبريطانيا وغيرها التي نفضت من عليها ركام الحرب العالمية الثانية والآن أصبحت دول أكثر من متقدمة بسبب العمل المضنى والجاد والمسئول لشعبها.
الشعب الذي لا يملك قوته لا يملك قراره – مقولة قالها كُثر من الزعماء السياسيين والمفكرين والشعب الذي لا يعمل ويصنع ويجني بسواعده سيظل دائماً يستورد أغلب احتياجاته ولن يكون صاحب قراره والأزمة الحالية التي لا ناقة لنا فيها ولا جمل برهنت على ذلك.
الأب رفيق جريش